وكان الملك المؤيد صاحب حماة يحبه ويقربه وسمعت أنه أوصى له بشيء من كتبه لما مات C تعالى ؛ وأدي عليه الشهادة في صفد بأنه أسلم ثم تهود وتشطرت البينة عليه وبقي الأمر معزوفاً بشهادة آخر وتعصب عليه أمير في صفد وحضر عند الحاكم ؛ وكان الشيخ نجم الدين الصفدي الخطيب يحبه وإذا جاء إلى صفد يقيم عنده فقال له : يا حكيم المصلحة أن تتقدم بحفظ الصحة ! .
يعني أنه يسلم . فنفر فيه بغيظ وقال : اعمل أنت خطابتك ودع عنك هذا ! .
وقام الأمير عليه فقال له : إن كنت ما تدخل الجنة إلا بأنك تستسلمني فهذا بعيد منك ! .
ووضع في حبس القلعة وأقام مدةً ولم ينكسر ولا خضع لأحدٍ قط . ثم إني رأيته بحلب ودمشق وحماة والقاهرة ذكره صاحب حماة للأمير عز الدين فأحضر إليه على البريد من حماة ليعالج ما به من الفالج وذلك في سنة سبع وعشرين وسبعمائة وهو آخر عهدي به ولم أر من يعرف الفراسة مثله بعد الشيخ شمس الدين ابن أبي طالب المذكور في المحمدين بل ربما كان هو أدق نظراً وأذكى فيها . كان يوماً هو والخطيب نجم الدين على باب الجامع وحضر إليه شخص فقال له الخطيب قبل وصول ذلك الشخص : يا حكيم أيش فراشتك في هذا ؟ فأخذ يتأمله وقال له : أنت راجل قدام الوالي ؟ قال : لا . قال : ولا قدام القاضي ؟ قال : لا . قال : ولا قدام المحتسب ؟ قال : لا . قال : ولا تعاني شيئاً من الصيد ؟ قال : لا ولكني أرمي البندق . فقال : بس يد سيدي الشيخ ! .
فقلنا له : كيف قلت هذا ؟ فقال : تفرست فيه أن يكون شريراً فسألته عما سألته فأنكرني فقلت : لا بد هذا الذي عنده من الشر أن يستعمله في شيء فذكرت الصيد فقال : أرمي البندق . فعلت صحة الفراسة .
وكان مرةً بصفد قد عالج نائب القلعة الأمير سيف الدين بلبان الجوكندار فسقاه مرقداً ليتمكن من الجراح فلما رأى مماليكه عمل الحديد في الأمير وهو لا يشعر جذبوا السيوف وجاءوه فعض هو على أنف الأمير عضة إلى أن انتبه من مرقده وأنكر عليه هذا الفعل فقال : أنفك أعالجه بالمرهم ويبرأ لا يضرب عنقي مماليكك .
ولم يكن يهودياً إلا يتستر بذلك وإنما كان يرى رأي الفلاسفة وكان يصحب الشيخ صدر الدين ابن الوكيل والشيخ تقي الدين ابن تيمية ويبحث معهما وله معهما مناظرات ليس هذا موضع ذكرها وكان يعترض علينا ونحن نشتغل نحواً وأصول فقه لحدة ذهنه وذكائه ؛ ولم أر في المسلمين أقوى نفساً منه لا فرق عنده بين الكبير والصغير ولا الملك والوزير وإذا بحث مع أحد سخر به وهزأ به فيما يورده عليه من الإيرادات ؛ وما أشك أنه كان إذا انفرد بأحد في الطريق في أسفاره أن يقتله من أي دين كان . أستغفر الله ! .
وقال لي : جبرت رجلاً وداويتها بقدوم ومنشار ومثقب . وتوفي بعد الثلاثين وسبعمائة .
الألقاب .
الأسدي أبو الحسن : اسمه أحمد بن سليمان .
الأسدي القارئ : يحيى بن وثاب .
الأسدي اللغوي : محمد بن المعلى .
الأسد خطيب الرصافة : أحمد بن الحسين .
ابن الأسد الفارقي : الحسن بن أسد .
أسد الشام : اليوننيي عبد الله بن عثمان .
من اسمه إسرائيل .
الحافظ السبعي .
إسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق عمرو بن عبد الله الهمداني السبعي الكوفي الحافظ ولد سنة مائة وتوفي سنة إحدى وستين ومائة وسمع من جده روى عنه البخاري ومسلم والترمذي وأبو داود والنسائي وابن ماجة . قال ابن معين : ثقة وهو أثبت من شيبان في أبي إسحاق . وكذا وثقه غير واحد .
الطيفوري الطبيب .
إسرائيل بن زكرياء الطيفوري كان طبيب الفتح بن خاقان جليل القدر عند الخلفاء والملوك وكان المتوكل يرى له كثيراً ويعتمد عليه . قال إسحاق ابن علي الرهاوي في كتاب أدب الطبيب : لما احتجم المتوكل بغير إذن إسرائيل وجد عليه فاشترى غضبه بثلاثة آلاف دينار وضيعةٍ تغل له في السنة خمسين ألف درهم وهبها له وسجل له عليها . وكان متى ركب إلى دار المتوكل يكون موكبه مثل موكب الأمراء وأجلاء القواد وبين يديه أصحاب المقارع . وأقطعه المتوكل بسر من رأى وأمر صقلاب وابن الجيري بأن يركبا معه ويدور جميع سر من رأى حتى يختار المكان الذي يريده فركبا بين يديه واختار من الحيز خمسين ألف ذراع وضربا المنار عليه ودفع إليه ثلاثمائة ألف درهم للنفقة عليه .
الطبيب