أسعد بن علي بن أحمد الزوزني المعروف بالبارع أبو القاسم الأديب الشاعر الفاضل الكاتب المترسل توفي يوم الأضحى سنة اثنتين وتسعين وأربعمائة . سكن نيسابور وورد العراق فأكرم فضلاؤه مورده وكان شاعر عصره بخراسان شاع ذكره في الآفاق وسمع الحديث على كبر سنه وكتبه إلى أن مات سمع أبا عبد الرحمن بن محمد الداودي وأبا جعفر محمد ابن إسحاق البحاثي وروى عنه أبو بكر الفراوي وأبو منصور الشحامي وغيرهما .
من شعره من البسيط : .
كأنّ لونَ الهواء ماءٌ ... أو سُنْدُسٌ رَقّ أو غمامَهْ .
كأنّ شكلَ الهلال قُرْطٌر ... أو عطَفْة النون أو قُلامهْ .
ومنه أيضاً من الكامل : .
قمرٌ سبا قلبي بعَقْرَبِ صدغه ... لمّا تجلّى عنه قلْبُ العقرب .
فأجبتُه : ألَديْكَ قلبي ؟ قال : لا ... لكنّ قلبَك عند قلب العقرب .
ومنه من الوافر : .
ألا فاشْكُرْ لربّك كلَّ وقت ... على الآلاء والنِّعَم الجسيمهْ .
إذا كان الزمانُ زمانَ سوءٍ ... فيَومٌ صالحٌ منه غنيمهْ .
ومنه وهو معنى بديع من الرمل : .
وعجوزٍ تتفتَّى ... طمعاً أن تتعشّقْ .
تتغدَّى في غدَاءٍ ... وعشاءٍ ألف جَرْذَق .
إنّ جسماً كجرير ... لا يقوّيه الفرزدق .
وقال بعض الناس : الملقبون بالبارع في خراسان ثلاثة : البارع الهروي وهو صاحب كتاب طرائف الطرف وهو أدونهم في الفضل والثاني البارع البوشنجي وهو أوسطهم والثالث البارع الزوزني وهو أفضلهم وكان تلميذ القاضي أبي جعفر البحاثي وهو الذي قال فيه البحاثي من الطويل : .
عجفتُ على اليَبْس البُوَيرع مرّةً ... فقال : لقد أوجعتَ سُرْمي فبُلَّهْ .
فقلتُ بُزاقي لا يفي بجميعه ... ومن أين لي أن أبزُق الدَّرْبَ كلَّهْ .
قال ياقوت : ينبغي أن يكون قد استعمله بمنارة إسكندرية إذا عجفه في شيءٍ كالدرب فأوجعه . وقال البحاثي فيه أيضاً من الرجز : .
للبارع ابن العاهره ... زوجة سوء فاجرهْ .
مُؤاجِرٌ قد زوّجُو ... ه كُفؤَه مُؤاجرهْ .
أبو البيداء الرياحي .
أسعد بن عصمة أبو البيداء الرياحي أعرابي نزل البصرة وكان يعلم الصبيان بالبصرة أقام بها أيام عمره يؤخذ عنه العلم وكان شاعراً ومن شعره من الخيف : .
قال فيها البليغُ ما قال ذو العِ ... يّ وكلّ بوَصْفها مِنطيقُ .
وكذاك العدوُّ لم يعْدُ أنْ قا ... ل جميلاً كما يقول الصديق .
أبو إبراهيم العتبي .
أسعد بن مسعود بن علي بن محمد بن الحسن العتبي أبو إبراهيم ومن ولد عتبة بن غزوان وهو حفيد أبي النصر العتبي وأبو النصر هو محمد بن عبد الجبار . قال ياقوت : كذا ذكره السمعاني في المذيل وليس في نسب هذا عبد الجبار كما ترى ولا أدري ما صوابه إلا أن يكون ابن بنته . توفي أسعد سنة أربع وسبعين وأربعمائة وله كتاب درة التاج وتاج الرسائل . وكان كاتباً في الدواوين المحمودية والسلجوقية وعاش إلى آخر أيام نظام الملك .
وقال في الإمام علي الفنجكردي من الكامل : .
يا أوْحَدَ البُلغاء والأدباء ... يا سيّد الفُضَلاء والعلماء .
يا من كأنّ عُطارِداُ في قلبه ... يُمْلي عليه حقائق الأشياء .
وارتفعت به الأيام وانخفضت حتى تأخر عن العمل وتاب ولزم البيت وقنع بالكفاف من العيش وعقد له مجلس الإملاء في الجامع المنيعي فأملى مدةً وكان يخصره المحدثون والأئمة ودخل بغدادوسمع بها من أبي منصور عبد الله بن سعيد بن مهدي الكاتب الخوافي وسمع بنيسابور ومرو وغيرهما وسمع جده أبا النصر العتبي . ومن شعره من الكامل : .
قالوا : تَغَيَّر شِعْرُه عن حاله ... والهمُّ يَشْغلني عن الأشعار .
أمّا الهِجاء فعنه شيبي زاجر ... والمدحُ قلّ لِقلّة الأحرار .
قلت : أحسن من هذا قول أبي إسحاق إبراهيم الغزي وقد تقدم في ترجمته من الكامل : .
قد كنتُ فيما مرّ من أزماني ... متوانياً لتقاصُر الإحسان .
ورأيتُ خِلاّني وأهل مودّني ... متوفّرين معاً على الإخوان