وآخر أمره آل إلى أن حبسه الخليفة المستظهر في داره واستصفى أمواله وأموال من يلوذ به من العمال والنواب وأخرج ميتاً في شوال سنة ثلث وتسعين وأربع مائة وحمل إلى داره فغسل فيها ودفن بالتربة التي استجدها في قراح ابن رزين ومنع أصحاب الديون لاتي عليه من دفنه في التربة وقالوا هذه ملكه ولم يصح وقفها ثم عجزوا عن إبطال ذلك وقيل أن المستظهر أدخل عميد الدولة ابن جهير حماماً وسمر عليه الباب إلى أن مات فيه وأخرج للشهود ليشهدوا أنه ليس فيه أثر قتل ليقال أنه مات حتف أنفه ودخل في جملة الشهود أخوه الكافي فصاح يا أخي يا با منصور قتلوك وجعل يرددها دفعات فقيل أن خمس مائة خادم خلعوا مداساتهم وخفافهم وصفعوه بها فوقع ميتاً ولم يسمع بمن مات هذه الميتو .
الطالقاني الصوفي .
محمد بن محمد بن محمد أبو عبد الله الطالقاني الصوفي سافر البلاد وسمع الكثير وسكن صور إلى أن مات بها في ذي القعدة سنة ست وستين وأربع مائة عن ثمانين سنة ومن رواياته عن أبي عبد الرحمن السلمى عن محمد بن عبد الله الرازي عن أبي الحسين الثوري قال رأيت غلاماً جميلاً ببغداد فنظرت إليه ثم أردت أن أكرر النظر فقلت يلبسون النعال الصرارة ويمشون في الطرقات فقال الغلام أحسنت أتجمش بالعلم ثم أنشأ يقول : .
تأمل بعين الحق إن كنت ناظراً ... إلى صفة فيها بدايع فاطر .
ولا تعط حظ النفس منها ... وكن ناظراً بالحق قدرة قادر .
أبو منصور العكبري .
محمد بن محمد بن محمد أبو منصور العكبري كان فاضلاً فصيحاً صدوقاً يحاضر بالحكايات المستحسنة والأناشيد الظريفة من انشاداته : .
أطيل الفكر مني في أناس ... مضوا عنا وفي من خلفونا .
هم الأحياء بعد الموت ذكراً ... ونحن من الخمول الميتونا .
لذلك قد تعاطيت التجافي ... وأن خلائقي كالماء لينا .
ولم أبخل بصحبهم لأمر ... ولكن هات قوماً يصحبونا .
ويقرب من هذا قول البارع من أبيات : قد : .
لا لأني أنفقت مع ذا من الكد ... ية أين الكرام حتى أكدي .
وقول شاعر الحماسة : .
خلت الديار فسدت غير مسود ... ومنه العناء تفردي بالسودد .
والأصل في هذا كله قول لبيد .
ذهب الذين يعاش في أكنافهم ... وبقيت في خلف كجلدا لأجرب .
كانت ولادة أبي منصور في شهر رجب سنة اثنتين وثمانين وثلاث مائة ووفاته ببغداد في شهر رمضان سنة اثنتين وسبعين وأربع مائة .
الغزالي .
محمد بن محمد بن محمد ابن أحمد حجة الإسلام زين الدين أبو حامد الطوسي الفقيه الشافعي لم يكن في آخر عصره مثله اشتغل في مبدأ أمره بطوس على أحمد الرادكاني ثم قدم نيسابور واختلف إلى دروس أمام الحرمين وجد في الاشغال حتى تخرج في مدة قريبة وصار من الأعيان في زمن استاذه وصنف ولم يزل يلامه إلى حين وفاته فخرج إلى العسكر ولقي نظام الملك فأكرمه وعظمه وكان بحضرة الوزير جماعة من الفضلاء فناظروه وظهر عليهم واشتهر اسمه وسار بذكره الركبان : .
فسار به من لا يسير مشمراً ... وغنى به من لا يغني مغردا