فقال الرشيد : وجب لك يا أعرابي حق عليه وهو يقضيك إياه وحق علينا فيه ونحن نقوم به إليه ادفعوا إليه دية الحر ! .
فقال إسماعيل : وله علي دية العبد . وقال إسماعيل : كنت يوماً بين يدي يحيى بن خالد فإذا جعفر بن يحيى قد دخل فلما رآه من بُعدٍ أشاح بوجهه وأعرض فقلت له بعد أن نهض : جعلني الله فداك تفعل هذا بابنك وحاله عند الرشيد حاله وموضعه موضعه ما يقدم عليه ولداً ولا ولياً ؟ ! .
قال : إليك عني أيها الرجل فو الله لا يكون هلاك هذا البيت إلا بسببه ! .
فلما كان بعد ذلك بشهر أو نحوه دخل أيضاً عليه مثل ذلك الدخول ففعل مثل ذلك الفعل فأعدت عليه مثل ذلك القول فقال : أدن مني الدواة ! .
فأدنيتها فأخذ رقعة وكتب فيها كلماتٍ يسيرةً ثم ختمها وقال : لتكن عندك هذه فإذا دخلت سنة سبعٍ وثمانين ومضى شهر المحرم ودخل من صفر يومان فانظر فيها ! .
فلما كان ذلك الوقت أوقع الرشيد بهم فنظرت فإذا هو اليوم الذي ذكره . قال إسماعيل : فكان يحيى من أحسب الناس وأعلمهم بالنجوم . قال ميمون بن هارون : قال لي عبيد الله بن سليمان : حدثني الفضل بن مروان : إن أول من كذب من رؤساء الناس الكتاب ووعدوهم الولايات والأعمال ومطلوهم بها ولم يفوا بشيء منها إسماعيل بن صبيح وما كان الناس قبل ذلك يعرفون المواعيد الكاذبة .
المعز صاحب اليمن .
إسماعيل بن طغتكين بن أيوب بن شادي الملك المعز ابن سيف الإسلام صاحب اليمن ورد بغداد فأكرم وتلقوه وكان منهمكاً على اللهو والشرب قليل الخير وكتب معه منشور إلى أبيه بالرضا عنه . ولما توفي أبوه ولي بعده ثم ادعى النبوة وقبل ذلك ادعى أنه أموي ورام الخلافة وأظهر العصيان فزثب عليه أخوان من امرائه فقتلاه وولي اليمن بعده أخوه أيوب ولقب الناصر وكان صغيراً . وكانت قتلته سنة ثمان وتسعين وخمسمائة . وكان لما ادعى تلقب بالإمام الهادي بنور الله المعز لدين الله أمير المؤمنين ومدحه الشعراء . ومن شعره في هذا المعنى من الطويل : .
وإنّي أنا الهادي الخليفة والذي ... أدوس رقاب الغُلب بالضُّمَّر الجُرْدِ .
ولا بدّ من بغداد أطوي ربوعَها ... وأنْشرها نشر السماسر للبُرْدِ .
وأنصب أعلامي على شُرفاتها ... وأُحيي بها ما كان أسّسه جدّي .
ويُخْطَبُ لي فيها على كل منبرٍ ... وأظْهرِ دين الله في الغَور والنجدِ .
الكاتب .
إسماعيل بن عباد بن محمد بن وزيران أبو القاسم الكاتب الأصبهاني ذكره السلفي وقال : هو من بيت الرياسة والكتابة فاضل في الأدب والنحو بارع في الترسل وخطه في غاية الجودة وكان سمع معنا الحديث على شيوخنا .
الصاحب ابن عباد .
إسماعيل بن عباد بن العباس بن عباد الوزير الملقب بالصاحب كافي الكفاة أبو القاسم من الطالقان وهي ولاية بين قزوين وأبهر وهي عدة قرى يقع عليها هذا الاسم وبخراسان بلدة غير هذه يقع عليها هذا الاسم خرج منها جماعة من العلماء . قال فيه الرستمي شاعره من الكامل : .
يَهْني ابنَ عبّاد بن عبّاس بن عب ... د الله نُعمى بالكرامة تُرْدف .
ومدحه أبو المرجى الأهوازي بقصيدة لما ورد الأهواز منها من السريع : .
إلى ابن عبّادٍ أبي القاسمِ ال ... صاحبِ إسماعيل كافي الكفاه .
فاستحسن جمعه بين اسمه ولقبه وكنيته واسم أبيه في بيت واحد وذكر وصوله إلى بغداد وملكه إياها فقال : .
ويشرب الجُند هنيئاً بها .
فقال له : أمسك ! .
فأمسك . فقال : تريد أن تقول : .
من بعد ماء الريّ ماء الفُراه ؟ .
فقال كذا والله ! .
فضحك . وقال السلامي يهجوه من الرمل : .
يا ابنَ عبّاد ابن عبا ... س بن عبد الله حِرْها .
تُنْكِرَ الجبْرَ وأُخرج ... تَ إلى دنياك كَرْها .
وقال فيه أيضاً يمدحه من الكامل : .
ورِث الوزارة كابراً عن كابرٍ ... موصولةَ الإسنادِ بالإسنادِ .
يَروي عن العبّاس عبّادٌ وزا ... رَتَه وإسماعيلُ عن عبّادِ