ومنَ يكتم الشكوى فإنّ زفيره ... ينمّ بها والدمعُ للسرّ يَفْضَحُ .
وكيف يلذّا العيش أو يطعم الكرى ... جفونٌ لمن أحبابه عنه نُزَّحُ .
له بعدهم همّ يُذيب فؤادَه ... وفكرٌ إذا لجَّ الغَرامُ المبرِّحُ .
عسى الدار أن تدنو ويُبْدل نأيُنا ... بقربٍ وإلاّ فالمنيّة أروَحُ .
ومنه من الكامل : .
غِبْتُم فما لي في التصبّر مَطمعٌ ... عَظُم الجوى واشتدّت الأشواقُ .
لا الدارُ بعدكمُ كما كانت ولا ... ذاك البهاءُ بهاً ولا الإشرافُ .
أشتاقُكم وكذا المحِبّ إذا نأى ... عنه أحبّةُ قلبه يشتاقُ .
ومنه من الرمل : .
مغرماً يدعوكِ شوقاً فأَجيبي ... وأثيبي بالهوى أو لا تثيبي .
كم أنادي معُرِضاً عن سقمي ... ومعُنًّى مَن دعا غير مُجيبِ .
يا اُصيحابي ومن حُسن الوفا ... أن تجيبوا من دعا عند الخطوبِ .
الجوهري .
إسماعيل بن علي بن إسماعيل بن باتكين أبو محمد الجوهري شيخ صالح بغدادي مسند سمع وروى . وتوفي سنة إحدى وثلاثين وستمائة .
ابن الطبال .
إسماعيل بن علي بن أحمد بن إسماعيل البغدادي الشيخ العالم المسند عماد الدين أبو الفضل الأزجي الحنبلي شيخ الحديث بالمستنصرية يعرف بابن الطبال تقدم ذكر جده إسماعيل الطبال ولد سنة إحدى وعشرين وسمع حضوراً من أبي منصور ابن عفيجة سنة أربع وسمع جامع الترمذي من عمر بن كرم بإجازته من الكروخي وسمع من أبي الحسن ابن القطيعي وابن روزيه وجماعة أخذ عنه الفرضي وابن الفوطي وابن سامة وسراج الدين القزويني وابن خلف وأجاز للشيخ شمس الدين وسمع صحيح البخاري من ابن القطيعي وتوفي سنة ثمان وسبعمائة .
فخر الدين ابن عز القضاة .
إسماعيل بن علي بن محمد بن عبد الواحد ابن أبي اليمن أبو الطاهر فخر الدين المعروف بابن عز القضاة كان في مبدإ أمره كاتباً أديباً خدم في جهات كبار وله دخول على الملك الناصر صاحب دمشق مع الشعراء وأهل حضرته فلما انجفل الناس من الشام إلى مصر أيام التتار توجه إلى مصر وعاد بصورة عظيمة من الزهد والإعراض عن الدنيا ولازم كتب الشيخ محيي الدين ابن العربي نسخ منها جملةً وواظب زيارة قبره واشتهر بالخير واعتقد الناس فيه ولم يخلف شيئاً لما مات سنة تسع وثمانين وستمائة وفرغت نفقته ليلة مات وتوفي بعقرباء وحمل إلى جامع دمشق وكانت له جنازة عظيمة ودفن في تربة أولاد الزكي وقرأ الناس حوله القرآن وتلوا ختماتٍ كثيرةً على قبره وتفجع الناس على فقده ورؤيت له المنامات الصالحة .
ومن شعره ما كتبه إلى الشيخ شرف الدين الرقي وهو مجاور بمكة بعد نشر : من الخادم إلى سيده أخيه في الله إن ارتضاه . أما بعد السلام عليكم ورحمة الله وبركاته فإني كنت أرجو بركة دعائه لما أظنه من عظيم عناية الله به . فكيف الآن وهو جار الله ؟ فانضاف إلى عناية الله بسيدي عناية الوطن وكان الخادم عند توجه الحاج نظم أبياتاً حسنةً مشوقةً إلى تقبيل الحجر المكرم وهي هذه الأبيات من الوافر : .
أوَفْدَ اللهِ أعطاكم قبولاً ... وكان لكم حفيظاً أجمعينا .
إن الرحمن أذْكركم بأمري ... هناك فقبِّلوا عنّي اليمينا .
فإنّي أرتجي منه حناناً ... لأنّ إليه في قلبي حنينا .
وأرجو لَثْم أيدٍ بايَعتْهُ ... إذا عُدتم بخيرٍ آمنينا .
فأجاب الشيخ شرف الدين بقوله من الوافر : .
نعم أسعى على بصري ورأسي ... وألثمُ عنكمُ الرُكْن اليمينا .
نعم وكرامةً وأطوف أيضاً ... ببيت الله ربِّ العالمينا .
وأنت أخي وخلِّي ثمّ عندي ... كريمٌ في إخائك ما بقينا .
وأرجو أن نكون غداً جميعاً ... إلى وجه المُهيمن ناظرينا .
ومن شعره ابن عز القضاة من الكامل : .
كم أنت في حقّ الصديق تُفرِّطُ ... ترضى بلا سبب عليه وتسخطُ .
يا مَن تلوّن في الوداد أما ترى ... ورقَ الغصونِ إذا تغيّر يسقطُ .
ومنه من المنسرح :