إسماعيل بن القاسم بن عيذون بالعين المهملة والياء آخر الحروف ساكنة والذال المعجمة والواو الساكنة وبعدها نون . بن هارون بن عيسى بن محمد بن سليمان المعروف بالقالي أبو علي البغدادي مولى عبد الملك بن مروان ولد بمنازكرد من ديار بكر ودخل بغداد سنة ثلاث وثلاثمائة وأقام بها إلى سنة ثمانٍ وعشرين وثلاثمائة ثم انتقل إلى الغرب وتوفي بقرطبة سنة ست وخمسين وثلاثمائة ومولده سنة ثمانين ومائتين . سمع من أبي القاسم عبد الله بن محمد البغوي وأبي يعلى الموصلي وغيرهما وأخذ اللغة والعربية عن ابن دريد وأبي بكر ابن الأنباري وابن درستويه ولما دخل الغرب قصد صاحب الأندلس الناصر لدين الله عبد الرحمن فأكرمه وصنف له ولولده الحكم تصانيف وبث علومه هناك وكان قد بحث على ابن درستويه كتاب سيبويه ودقق النظر وانتصر للبصريين وأملى أشياء من حفظه ك كتاب النوادر والأمالي والمقصور والممدود والإبل والخيل والبارع في اللغة نحو خمسة آلاف ورقة لم يصنف مثله في الإحاطة والجمع ولم يتم ورتب كتاب المقصور والممدود على التفعيل ومخارج الحروف من الحلق مستقصى في بابه لا يشذ منه شيء وكتاب فعلت وأفعلت وكتاب مقاتل الفرسان وتفسير السبع الطوال . قال الحميدي : وممن روى عن القالي أبو بكر محمد بن الحسن الزبيدي النحوي صاحب كتاب مختصر العين وأخبار النحاة وكان حينئذ إماماً في الأدب ولكن عرف فضل أبي علي فمال إليه واختص به واستفاد منه وأقر له . وكان الحكم المستنصر قبل ولايته الأمر وبعد ينشط أبا علي ويبعثه على التأليف بواسع العطاء ويشرح صدره بالإفراط في الإكرام وكانوا يسمونه البغدادي لوصوله إليهم من بغداد ويقال : إن الناصر هو الذي استدعاه من بغداد لولائه فيهم . قال الزبيدي : سألته : لم قيل لك القالي ؟ فقال : لما انحدرنا إلى بغداد كنا في رفقة فيها أهل قالي قلا وهي قرية من قرى منازكرد وكانوا يكرمون لمكانهم من الثغر فلما دخلت بغداد نسبت إليهم لكوني كنت معهم . قال أبو الحكم منذر بن سعيد البلوطي : كتبت إلى أبي علي البغدادي أستعير منه كتاباً من الغريب وقلت من الجتث : .
بحثّ ريمٍ مُهَفْهَفْ ... وصُدغِه المتعطّفْ .
ابعثْ إليّ بجزءٍ ... من الغريب المصنَّف .
فقضى حاجتي وأجاب بقوله من المجتث : .
وحقِّ درٍّ تألّفْ ... بفيك أيَّ تألُّفْ .
لأبعثنّ بما قد ... حوى الغريب المصنَّفْ .
ولو بعثتُ بنفسي ... إليك ما كنت أُسرفْ .
ومدحه يوسف بن هارون الرمادي الآتي ذكره في بابه من الحرف بقصيدةٍ أولها من الكامل : .
مَنْ حاكمٌ بيني وبين عَذولي ؟ ... الشجُو شجوي والعويل عويلي .
في أيّ جارحةٍ أصون معذِّبي ... سلمتْ من التنغيص والتنكيل ؟ .
إن قلتُ : في بصري فثمَّ مدامعي ... أو قلتُ : في كبدي فثمَّ غليلي .
ثم خرج من ذلك إلى مدح أبي علي فقال : .
روضٌ تعاهده السحابُ كأنّه ... متعاهَد من عهد إسماعيلِ .
قِسْهُ إلى الأعراب تعلمْ أنّه ... أولى من الأعراب بالتفضيلِ .
حازت قبائلُهم لغاتٍ فُرّقت ... فيهم وحاز لغاتِ كلّ قبيلِ .
فالشرق خالٍ بعده وكأنّما ... نزل الخَراب بربعه المأهول .
فكأنّه شمس بدَتْ في غربنا ... وتغيّبتْ عن شرقهم بأفول .
يا سيّدي هذا ثناي لم أقل ... زوراً ولا عرّضتُ بالتنويل .
من كان يأمُل نائلاً فأنا امرؤ ... لم أرْجُ غيرَ القُرب في تأميلي .
الزاهد النيسابوري .
إسماعيل بن قتيبة السلمي النيسابوري الزاهد توفي في شهر رجب سنة أربع وثمانين ومائتين وكانت جنازته مشهودة .
الصالح صاحب الموصل