ألطنبغا الأمير علاء الدين المارداني الساقي الناصري أمره السلطان مائة وقدمه على ألف وزوجه إحدى بناته . وهو الذي عمر الجامع الذي برا باب زويلة عند المرحليين وأنفق على ذلك أموالاً كثيرةً لأنه مرض مرضةً شديدةً طول فيها وأعيى الأطباء شفاؤه وأنزله السلطان من القلعة إلى الميدان ومرض هناك قريباً من أربعين يوماً . وكان متولي القاهرة يقف في خدمته ويحضر له كل ما برا باب اللوق من المساخر وأرباب الملاهي وأصحاب الحلق ولم يترك أحداً حتى يحضره إليه وهو ينعم عليهم بالقماش والدارهم ونزل السلطان إليه مرات . وكان الخاصكية ينتابونه جماعة بعد جماعة ويبيتون عنده وأنفق في الصدقات مبلغ مائة ألف درهم . وشرع في عمارة الجامع المذكور وهو أحد الصدقات مبلغ مائة ألف درهم . وشرع في عمارة الجامع المذكور وهو أحد الخاصكية المقربين . ولم يزل على حاله إلى أن توفي السلطان وتولى الملك المنصور أبو بكر فيقال إنه وشى بأمره إلى قوصون وقال له : إنه قد عزم على إمساكك . فجرى ما جرى على ما يذكر في ترجمة المنصور إن شاء الله تعالى . وكان الأمير علاء الدين ألطنبغا المذكور قد بقي عند المنصور أعظم رتبةً مما كان عند والده لأنه كان مقدماً عنده وموضع سره .
ثم إنه تولى الملك الأشرف وماج الناس وحضر الأمير سيف الدين قطلوبغا الفخري إلى الشام وجرى ما جرى على ما تقدم في ترجمة الأمير علاء الدين ألطنبغا نائب دمشق وشغب المصريين على قوصون فيقال : إن علاء الدين ألطنبغا المارداني هو الذي كان أصل ذلك كله ونزل إلى الأمير علاء الدين أيدغمش واتفق معه على القبض على قوصون وطلع إلى قوصون وجعل يشاغله ويكسر مجاذيفه عن الحركة إلى بكرة الغد وأحضر الأمراء الكبار المشايخ عنده وساهره إلى أن نام . وهو الذي حط يده في سيف ألطنبغا نائب دمشق لما دخل القاهرة قبل الناس كلهم ولم يجسر عليه غيره . وكان الأمير سيف الدين بهادر التمرتاشي في الأول هو أغا ألطنبغا المذكور وهو الذي خرجه ورباه فلما بدت منه هذه الحركات والإقدامات قويت نفسه عليه فوقف فوق التمرتاشي فما حملها منه ذلك وبقيت في نفسه . ولما تملك السلطان الملك الصالح صار الدست للتمرتاشي فعمل على الأمير علاء الدين ألطنبغا المذكور ولم يدر بنفسه إلا وقد أخرج على البريد في خمسة سروج في شهر ربيع الأول سنة ثلاث وأربعين وسبعمائة وجهز إلى حماة نائباً فتوجه إليها وبقي بها نائباً مدة شهرين وأكثر إلى أن توفي الأمير علاء الدين أيدغمش فرسم للأمير سيف الدين طقزدمر بنيابة الشام فحضر إليها من حلب ورسم للمارداني بنيابة حلب فتوجه إليها في أول رجب من السنة المذكورة وحضر إلى نيابة حماة الأمير سيف الدين يلبغا اليحيوي . فأقام علاء الدين ألطنبغا على نيابة حلب إلى مستهل صفر سنة أربع وأربعين وسبعمائة ومات C تعالى بعد مرض شديد وحضر له الطبيب من القاهرة وما أفاد .
علاء الدين الجاولي .
ألطنبغا علاء الدين الجاولي مملوك ابن باخل كان عند الأمير علم الدين سنجر الجاولي داواداراً لما كان بغزة . وكان حسن الصورة تام القامة وكان الجاولي يحسن إليه ويبالغ في الإنعام عليه وكان إقطاعه عنده يعمل قريباً من العشرين ألفاً . أخبرني من رآه قال : كان في اسطبله تسعة عشر سرجاً زرجونياً فلما شنع على الجاولي أن إقطاعات مماليكه من الثلاثين ألفاً وما دونها راك الأخباز وأعطى لعلاء الدين المذكور إقطاعاً دون ما كان بيده . فتركه ومضى إلى مصر بغير رضى من الأمير علم الدين فراعى الناس خاطر مخدومه ولم يقدر أحد يستخدمه فأقام يأكل من حاصله في مصر زماناً ثم حضر إلى صفد فأكرم نزله الأمير سيف الدين أرقطاعي النائب بها وكتب له مربعةً بإقطاع وتوجه به إلى مصر فخرج عنه فورد إلى دمشق فأكرمه الأمير سيف الدين تنكز وأعطاه إقطاعاً في حلقة دمشق ووقع بينه وبين الأمير علم الدين بسببه . وبقي بدمشق إلى أن أمسك الجاولي وحبس ثم أفرج عنه فتوجه إليه وخدمه مدةً ثم أخرجه إلى الشام شاداً على أوقاف المنصور التي تختص بالبيمارستان