وهو نادر في أبناء جنسه من الشكالة المليحة ولعب الرمح والفروسية والذكاء ولعب الشطرنج والنرد ونظم الشعر الجيد لا سيما في المقطعات فإنه يجيدها وله القصائد المطولة ويعرف فقهاً على مذهب الشافعي ويعرف أصولاً ويبحث جيداً ولكنه سال ذهنه لما اجتمع بالشيخ تقي الدين ابن تيمية ومال إلى رأيه ثم تراجع عن ذلك إلا بقايا . اجتمعت به كثيراً في صفد والديار المصرية ودمشق وهو حسن العشرة لطيف الأخلاق فيه سماحة وأنشدني كثيراً من شعره فمن ذلك من البسيط : .
سبِّحْ فقد لاح برقُ الثغر بالبَردِ ... واستسقِ كأس الطلا من كفّ ذي مَيَدِ .
مستعربُ اللفظ للأتراك نسبتُه ... له على كلّ صَبٍّ صولةُ الأسدِ .
يا عاذلي خلِّني ! .
فالحُسن قلدَّه ... عِقداً من الدرّ لا حبلاً من المسَدِ .
ويلٌ لمن لامَني فيه ومقلتهُ ... نفّاثة النَّبل لا نفّاثة العُقَد .
وأنشدني من لفظه أيضاً لنفسه من الكامل : .
خَودٌ زُهي فوق المراشف خالها ... فلئن فُتِنْتُ به فلستُ أُلامُ .
فكأنَّ مَبْسِنها وأسودَ خالها ... مسكٌ على كأس الرحيق ختامُ .
وأنشدني أيضاُ لنفسه من المجتث : .
وبارِدِ الثغر حلوٍ ... بمرشفٍ فيه حُوّهْ .
وخَصْره في انتحالٍ ... يُبدي من الضعف قوّهْ .
وأنشدني من لفظة لنفسه من الخفيف : .
ردْفُه زاد في الثقالة حتى ... اقعد الخصر والقوامً السَّوِيّا .
نهض الخصرُ والقوام وقاما ... وضعيفان يغلبان قويّا .
وأنشدني أيضاً لنفسه من الطويل : .
تُخاطبني خَودٌ فأُبدي تصامُماً ... فتُكثر تكرار الخطاب وتجهرُ .
فأُصغي لها أذناً وأُطهر عُجمةً ... لكيما أرى درّاً من الدرِّ ينثرُ .
وأنشدني أيضاً لنفسه في العلامة شهاب الدين محمود من البسيط : .
قال النحاةُ بأنّ الاسمَ عندهُمُ ... غير المسمّى وهذا القول مردودُ .
الاسم عين المسمّى والدليل على ... ما قلت أنّ شهابَ الدين محمودُ .
وأنشدني لنفسه أيضاً من الوافر : .
وصالُك والثريا في قِران ... وهجرُكَ والجفا فرسا رِهانِ .
فديتُك ! .
ما حفظت لشؤم يَخْتي ... من القرآنِ إلاّ لن تراني .
وأنشدني لنفسه أيضاً من الخفيف : .
سَلْ وميضَ البروق عن خفقاني ... وعليل النسيم عن جثماني .
ولهيب الهجير عن نار قلبي ... وخفيَّ الخيال عن أجفاني .
وأنشدني لنفسه أيضاً من الكامل : .
إن عاد لمعً البرق يُخبر عنكمُ ... وأتى القَبولَ مبشِّراً بقبولي .
فلأقدْحنَّ البرق من نار الحشا ... ولأخلعنَّ على النجوم نحولي .
وأنشدني لنفسه أيضاً من الوافر .
وسوء صيرتها السود بيضا ... فلا تطلب من الأيام بيضا .
فبعد السود ترجو البيض ظلماً ... وقد سلت عليها السود بيضا .
وأنشدني من لفظه لنفسه من البسيط : .
انهلَّ أدمعُها درّاً وفي فمها ... درٌّ وبينهما فَرق وتمثالُ .
لأنّ ذا جامدٌ في الثغر منتظمٌ ... وذاك منتشرٌ في الخَدِّ سيّالُ .
وأنشدني من لفظه لنفسه من الخفيف : .
جاءنا الوردُ في بديع زمانِ ... فقطعناه في مُنًى وأمانِ .
ونهْبنا فيه لذيذ وصالٍ ... وهتكْنا فيه عَروس الدنانِ .
وغلطْنا فيه ببعض ليالٍ ... فخلطنا شعبان في رمضانِ .
وأنشدني من لفظه لنفسه من الكامل : .
أنَّي لورقاء الغضا تشكو النوى ... وغدتْ مضاجِعةً قضيبَ البانِ .
قد طوَّقَتْ جيداً وقد خضبتْ يداً ... وشدتْ بألحانٍ على عيدانِ .
وتوفي C تعالى بدمشق في ثامن شهر ربيع الأول سنة أربع وأربعين وسبعمائة بعلة الاستسقاء .
ألطنطاش صاحب بصرى