فقال له عبد العزيز : اشتقت والله إلى أهلك يا أمية . فقال : لعمر الله أيها الأمير ! .
فوصله وأذن له .
أمية بن عمرو .
وقيل : ابن أبي أمية بن عمرو مولى هشام بن عبد الملك كان جدهم ينشد هشاماً أشعار الشعراء بتطريب على إنشاد الشاميين ليتشاغل به من الغناء وأصلهم الشام ثم نزلوا البصرة وأمية من أهل بيت ظرف وشعر وكتبة وهو شيخ أهل بيته وأول من قال الشعر منهم . وكان انقطاعهم إلى آل الربيع الحاجب وقد قال الشعر من أولاده لصلبه وأولادهم جماعة يكثر عددهم . وأمية هو القائل لزوجته من الطويل : .
ووجه كوجه الغُول فيه سماجة ... مفوّهة شوهاء ذات مشافر .
وفي حاجبيها من حرار غرارة ... فإن حلقت كانت ثلاث غرائر .
فلا تستطيع الكحل من ضيق عينها ... وإن عالجته صار حول المحاجر .
الأندلسي .
أمية بن عبد العزيز بن أبي الصلت أبو الصلت الأندلسي كان أديباً فاضلاً حكيماً منجماً توفي سنة تسع وعشرين وخمسمائة في المحرم بالمهدية . وقيل : سنة ثمانٍ وعشرين . كان فيلسوفاً ماهراً في الطب إماماً فيه ورد الإسكندرية وسكنها مدةً وكان قد ورد إلى القاهرة أيام الآمر واتصل بوزيره الأفضل ابن أمير الجيوش بدر . واشتمل عليه رجل من خواص الأفضل يعرف بتاج المعالي مختار فوصفه في حضرة الأفضل وأثنى عليه أهل العلم . وأجمعوا على تقدمه وتميزه عن كتاب وقته فبقي ذلك في خاطر كاتب الأفضل وأضمر لأمية المكروه وتتابعت سقطات تاج المعالي فتغير الأفضل عليه واعتقله فوجد كاتب الأفضل السبيل إلى أن اختلق من المحال على أمية فحبسه الأفضل في سجن المعونة مدة ثلاث سنين وشهر ثم أطلقه . فقصد المرتضى أبا طاهر يحيى بن تميم بن المعز بن باديس صاحب القيروان فحظي عنده وحسنت حاله وله رسالة يصف حاله ويثني على ابن باديس ويذم مصر وقال فيها شعراً منه قوله من الطويل : .
فلم أستسغ إلاّ نداه ولم يكن ... لَيعْدِل عندي ذا الجنابَ جنابُ .
فما كلُّ إنعامٍ يخفُّ احتمالهُ ... وإنْ هطلتْ منه عليّ سحابُ .
ولكنْ أجلُّ الصنع ما جلَّ ربُّه ... ولم يأت بابٌ دونه وحجابُ .
وما شئتُ إلاّ أن أدُلَّ عواذلي ... على أنَّ رأيي في هواك صوابُ .
وأعلم قوماً خالفوني وشّرقوا ... وغرّبتُ أنّي قد ظفرتُ وخابوا .
قلت : البيتان الأخيران من قصيدة لأبي الطيب أولها : .
مُنًى كنَّ لي أنّ البياض خضابُ .
وجاءت غربت هنا في موضعها . ومن تصانيف أمية : كتاب الأدوية المفردة تقويم الذهن في المنطق الرسالة المصرية رسالة عمل الأسطرلاب الديباجة في مفاخر صنهاجة الحديقة في مختار أشعار المحدثين ديوان شعره : كبير ديوان رسائله وله الوجيز في الهيئة والانتصار في أصول الطب وصنف بعضها لما كان في سجن الأفضل . ومولده بدانية وأخذ عن أبي الوليد الوقشي قاضي دانية وغيره وخرج من إشبيلية وعمره عشرون سنةً ولزم التعلم بمصر عشرين سنة . ومن شعره من الكامل : .
لا غَرْوَ إنْ لحقتْ لُهاك مدائحي ... فتدفَّقتْ نُعْماك ملءَ إنائها .
يُكْسَى القضيبُ ولم يَحِنْ إثماره ... وتُطوَّق الورقاءُ قبل إنائها .
ومنه من البسيط : .
قد كنتُ جارَك والأيّامُ ترهبني ... ولست أرهب غيرَ الله من أحدِ .
فنافستْني الليالي فيك ظالمةً ... وما حسبْتُ الليالي من ذوي الحسد .
ومنه من البسيط : .
حسْبي فقد بُعدت في الغيّ أشواطي ... وطالَ في اللّهِو إيغالي وإفراطي .
أنفقتُ في اللّهو عمري غيرَ متّعِظٍ ... وجُدْتُ فيه بوفْري غير مُحتاطِ .
فكيف أخلُص من بحر الذنوب وقد ... غرقتُ فيه على بُعدٍ من الشاطي .
يا ربِّ ما ليَ لا أرجو رضاك به ... إلاّ اعترافي بأنّي المذنبُ الخاطي .
ومنه وقد طلع القمر بديهاً في مجلس علي بن يحيى من البسيط : .
رأى مُحيّا ابنِ يحيى البدرُ متّسقاً ... فكاد يُذْهِبُ عنه نورَهُ الحسدُ .
فانظرْ إلى الأثر البادي بصفحته ... فإنّ ذلك من فرط الذي يجدُ .
ومنه من الكامل :