أبو زيد الفقيه الفاشاني الشافعي كان من الأيمة الأجلاء حسن النظر مشهورا بالعلم حافظا للمذهب وله فيه وجوه غريبة أخذ الفقه عن أبي اسحق المروزي وأخذ عنه أبو بكر القفال المروزي ودخل بغداذ وحدث بها وسمع منه الحافظ الدارقطني ومحمد بن أحمد بن القسم المحاملي ثم خرج إلى مكة وجاور بها سبع سنين وحدث هناك بصحيح البخاري عن محمد بن يوسف الفربري وأبو زيد أجل من روى هذا الكتاب وقال أبو بكر الخباز : عادلت الفقيه أبا زيد من نيسابور إلى مكة فما أعلم أن الملايكة كتبت عليه خطيئة وقال أبو الحسن أحمد ابن محمد الحاتمي الفقيه : سمعت أبا زيد يقول رأيت رسول الله A في المنام وأنا بمكة كأنه يقول لجبريل : يا روح الله أصحبه إلى وطنه وكان في أول أمره فقيرا لا يقدر على شيء ويكتم باطن حاله ثم أقبلت الدنيا عليه في آخر عمره وقد اسن وتساقطت أسنانه وبطلت آلته وكان يقول للنعمة لا بارك الله فيك أقبلت حيث لا ناب ولا نصاب قال الحاكم : كان من أيمة المسلمين ومن أحفظ الناس لمذهب الشافعي توفي بمرو سنة أحدى وسبعين وثلث ماية ومولده سنة أحدى وثلث ماية .
الخضري الشافعي محمد بن أحمد أبو عبد الله المروزي .
الفقيه الشافعي المعروف بالخضري كان يضرب به المثل في قوة الحفظ وقلة النسيان كان من كبار أصحاب القفال وله في المذهب وجوه غريبة نقلها الخراسانيون وقد روى أن الشافعي صحح دلالة الصبي على القبلة وكان ثقة في نقله وله معرفة بالحديث ونسبته إلى الخضر بعض أجداده توفي في عشر الستين والأربع ماية وقال الخضري : معنى قول الشافعي أن يدل الصبي على قبلة تشاهد في الجامع فأما في موضع الأجتهاد فلا تقبل وسئل عن قلامة ظفر المرأة هل يجوز للأجنبي النظر إليها فأطرق الشيخ طويلا ساكتا وكانت ابنة الشيخ أبي علي التستري تحته فقالت له لم تتفكر وقد سمعت أبي يقول في جواب هذه المسألة أن كانت من قلامة أظفار اليدين جاز وأن كانت من الرجلين لم يجز وأنما كان كذلك لأن يدها ليست بعورة ففرح الخضري وقال لو لم آستفد من اتصالي بأهل العلم إلا هذه المسألة لكانت كافية قال ابن خلكان : هذا التفصيل بين اليدين والرجلين فيه نظر فإن أصحابنا قالوا اليدان في الصلاة ليستا بعورة فأما بالنسبة إلى نظر الأجنبي فما نعرف فرقا بينهما فلينظر الشاشي المستظهري الشافعي محمد بن أحمد بن الحسين بن عمر الأمام أبو بكر الشاشي الفقيه الشافعي المستظهري لقبه فخر الأسلام ولد بميافارقين سنة تسع وعشرين وأربع ماية وتفقه على الأمام أبي عبد الله محمد بن بيان الكازروني وتفقه على قاضي ميافارقين أبي منصور الطوسي تلميذ الأستاذ أبي محمد الجويني ثم رحل إلى العراق ولازم الشيخ أبا أسحق وكان معيد دروسه وتردد إلى ابن الصباغ وقرأ عليه الشامل وسمع الحديث من الكازروني شيخه ومن ثابت بن أبي القسم الخياط وبمكة من أبي محمد هياج الحطيني وسمع ببغداذ الخطيب أبا بكر وجماعة روى عنه أبو المعمر الأزجي وأبو الحسن علي بن أحمد اليزدي وأبو بكر بن النقور وشهدة والسلفي وغيرهم وله كتاب حلية العلماء ذكر فيه اختلاف الأيمة صنفه للأمام المستظهر بالله وكتاب الترغيب في المذهب وكتاب الشافي شرح فيه مختصر المزني استوفي فيه أقوال الشافعي ووجوه أصحابه وأقاويل الفقهاء ذكر لكل مقالة حجة وكان أشعري الأعتقاد وإليه انتهت رياسة الشافعية ببغداذ ولما القي الدرس وضع منديله على عينيه وبكى كثيراً وهو جالس على السدة وأنشد : .
خلت الديار فسدت غير مسود ... ومن العناء تفردي بالسودد .
وقد قيل أن الذي فعل ذلك إنما هو الغزالي ومدحه تلميذه أبو المجد معدان بن كثير البالسي بقصيدة قال فيها : .
يا كعبة الفضل أفتنا لم لم يجب ... شرعاً على قصادك الأحرام .
ولما تضمخ زايريك بطيب ما ... نلقيه وهو على الحجيج حرام .
وتوفي سنة سبع وخمس ماية ودفن في تربة الشيخ أبي أسحق الشيرازي أنشد محب الدين ابن النجار في ذيل تاريخ بغداذ بسند أتصل بفخر الأسلام محمد بن أحمد المستظهري الشاشي قوله : .
مدحتكم أرجو فواضل بركم ... فما نالني منكم نوال ولا بر .
وكنت أرجي كشف ضري عندكم ... فقد زاد عندي مذ عرفتكم الضر