أمام متفنن متبحر في العلم له تصانيف مفيدة تدل على كثرة أطلاعه ووفور فضله توفي أوايل سنة أحدى وسبعين وست ماية بمنية بني خصيب من الصعيد الأدنى بمصر وقد سارت بتفسيره الركبان وهو تفسير عظيم في بابه وله كتاب الأسنى في أسماء الله الحسنى وكتاب التذكرة وأشياء تدل على أمامته وكثرة أطلاعه أخبرني من لفظه الشيخ فتح الدين محمد بن سيد الناس اليعمري قال : ترافق القرطبي المفسر والشيخ شهاب الدين القرافي في السفر إلى الفيوم وكل منهما شيخ فنه في عصره القرطبي في التفسير والحديث والقرافي في المعقولات فلما دخلاها أرتادا مكانا ينزلان فيه فدلا على مكان فلما أتياه قال لهما أنسان يا مولانا بالله لا تدخلاه فإنه معمور بالجان فقال الشيخ شهاب الدين للغلمان أدخلوا ودعونا من هذا الهذيان ثم أنهما توجها إلى جامع البلد إلى أن يفرش الغلمان المكان ثم عادا فلما استقرا بالمكان سمعا صوت تيس من المعز يصيح من داخل الخرستان وكرر ذلك الصياح فأمتقع لون القرافي وخارت قواه وبهت ثم أن الباب فتح وخرج منه رأس تيس وجعل يصيح فذاب القرافي خوفا وأما القرطبي فإنه قام إلى الرأس وأمسك بقرنيه وجعل يتعوذ ويبسمل ويقرأ آالله أذن لكم أم على الله تفترون ولم يزل كذلك حتى دخل الغلام ومعه حبل وسكين وقال يا سيدي تنح عنه وجاء إليه أخرجه وانكاه وذبحه فقالا له ما هذا فقال لما توجهتما رأيته مع واحد فاسترخصته واشتريته لنذبحه ونأكله وأودعته في هذا الخرستان فأفاق القرافي من حاله وقال يا أخي لا جزاك الله خيرا ما كنت قلت لنا وإلا طارت عقولنا أو كما قال .
الشيخ مجد الدين ابن الظهير الحنفي محمد بن أحمد بن عمر ابن أحمد بن أبي شاكر الشيخ مجد الدين أبو عبد الله ابن الظهير الأربلي الحنفي الأديب .
ولد باربل في ثاني صفر سنة اثنتين وست ماية وسمع ببغداذ في الكهولة من أبي بكر ابن الخازن والكاشغري وبدمشق من السخاوي وكريمة وتاج الدين ابن حمويه وتاج الدين ابن أبي جعفر وقيل أنه سمع من ابن اللتي روى عنه أبو شامة والقوصي والدمياطي وأبو الحسين اليونيني وشيخنا شهاب الدين محمود وعليه تدرب وبه تخرج وابن العطار وابن الخباز والشيخ جمال الدين المزي وجماعة وكان من كبار الحنفية وفضلايهم درس بالقايمازية بدمشق مدة وكان ذا دين وهو من أعيان شيوخ الأدب وفحول المتأخرين في الشعر له ديوان موجود ولما توفي سنة سبع وسبعين وست ماية دفن بمقابر الصوفية ورثاه شيخنا الأمام شهاب الدين محمود C بقصيدة أولها : .
تمكن ليلى وأطمأنت كواكبه ... وسدت على صبحي الغداة مذاهبه .
منها : .
بكته معاليه ولم ير قبله ... كريم مضى والمكرمات نواد به .
ولا غرو أن تبكي المعالي بشجوها ... على المجد إذا أودى وهن صواحبه .
فإي أمام في الهدى والندى غدت ... لآمله آدابه ومآدبه .
أظن الردى نسر السماء وأنه ... علا فوقه فأستنزلته مخالبه .
وهي قصيدة طويلة مليحة وأنشدني شهاب الدين محمود قراءة منى عليه قال : أنشدني الشيخ مجد الدين ابن الظهير لنفسه ما كتبه في أجازة : .
أجاز ما قد سألوا ... بشرط أهل السند .
محمد بن أحمد ... بن عمر بن أحمد .
قلت : وهذا النوع الذي يسميه أصحاب البديع الأطراد وهو أن يذكر الأسم وأباه وأجداده من غير حشو وهو كثير وأنشدني أجازة قال : أنشدني المذكور لنفسه : .
حيث الأراكة والكثيب الأوعس ... واد يهيم به الفؤاد مقدس .
يحمى بأطراف الرماح طرافه ... عزاً وبالبيض المواضي يحرس .
وتكاد أنفاس النسيم إذا سرت ... من خيفة الغيران لا تتنفس .
وبجو ذاك الشعب أنفس مطلب ... أمست تذوب اسى عليه الأنفس .
وبكل خدر منه ليث محدر ... أفغابة ذاك الحمي أم مكنس .
يا جيرة الحي المظلل بالقنا ... هل ناركم بسوى الأضالع تقبس .
أضرمتموها للنزيل ودونها ... غير أن فتاك الحفيظة أشوس .
وأنشدني المذكور بالسند له : .
غش المفند كامن في نصحه ... فأطل وقوفك بالغوير وسفحه