جمال الدين أبو بكر البكري الأندلسي الشريشي المالكي ولد بشريش سنة أحدى وست ماية وسمع بالأسكندرية من محمد بن عمار وببغداذ من أبي الحسن القطيعي وابن روزبه وأبي بكر بن بهروز وابن اللتي وياسمين بنت البيطار وأبي صالح الجيلي والأنجب بن أبي السعادات ومحمد بن السباك وعبد اللطيف بن القبيطي وطايفة وبدمشق من مكرم وابن الشيرازي وجماعة وباربل من الفخر الأربلي وبحلب من الموفق بن يعيش وجماعة وتفقه حتى برع في المذهب واتقن العربية والأصول والتفسير وتفنن ودرس وافتى واقرأ الحديث وعني به وقال الشعر ودرس بالرباط الناصري بحضور السلطان واقفه ودخل الديار المصرية ودرس بالفاضلية وتخرج به جماعة منهم ولده الشيخ كمال الدين ثم قدم إلى القدس وأقام به مدة ثم أتى دمشق وأخذ الناس عنه وكان من واعية العلم صنف لالفية ابن معطي شرحا مليحا وقد مدحه علم الدين السخاوي بقصيدة مشهورة وطلب لقضاء دمشق فأمتنع وبقي المنصب لأجله شاغرا إلى أن مات ودرس بالنورية وبالحلقة التي بالجامع مع مشيخة الرباط ومشيخة أم الصالح روى عنه ابنه ابن تيمية والمزي وابن العطار والبرزالي والصيرفي وابن الخباز وخلق سواهم وأجاز للشيخ شمس الدين الذهبي مروياته توفي سنة خمس وثمانين وست ماية الشيخ قطب الدين القسطلاني محمد بن أحمد بن علي بن محمد بن الحسن بن عبد الله بن أحمد بن ميمون الأمام الزاهد قطب الدين أبو بكر أخو الأمام تاج الدين على بن القسطلاني التوزري الأصل المصري ثم المكي ابن الشيخ الزاهد أبي العباس ولد بمصر سنة أربع عشرة ونشأ بمكة وسمع بها جامع الترمذي من أبي الحسن ابن البناء وسمع من أبي القسم ابن السهروردي كتاب عوارف المعارف وسمع من ابن الزبيدي وجماعة وقرأ العلم ودرس وافتى ورحل في طلب الحديث وسمع من محمد بن نصر بن الحصري ويحيى بن القميرة وابرهيم بن أبي بكر الزعبي وطائفة كثيرة ببغداذ والشام ومصر والموصل واستجاز لأولاده السبعة محمد والحسن وأحمد ومريم ورقية وفاطمة وعايشة وأسمع بعضهم وكان شيخاً عالماً عاملاً زاهداً عابداً جامعاً للفضايل كريم النفس كثير الإيثار حسن الأخلاق قليل المثل طلب من مكة إلى القاهرة وولي مشيخة الكاملية إلى أن مات وله شعر مليح وروي عنه الدمياطي والمزي والبرزالي وخلق أخبرني الشيخ فتح الدين ابن سيد الناس أن الشيخ قطب الدين كان يتوجه إلى أبي الهول الذي عند أهرام مصر وهو رأس الصنم الذي هناك ويعلو رأسه باللالكة ويقول يا أبا الهول أفعل كذا افعل كذا قلت : رأيت جماعة من أهل مصر يعتقدون أن الشمس إذا كانت في الحمل وتوجه أحدهم إلى أبي الهول وبخر أمامه بشكاعا وباذ أورد ووقف أمامه وقال ثلثا وستين مرة كلمات يحفظونها ويقول معها يا أبا الهول أفعل كذا فزعموا أن ذلك يتفق وقوعه وكان الشيخ قطب الدين C كان يفعل ذلك أهانة لأبي الهول وعكساً لذلك المقصد الفاسد لأن تلك لعلها تكون تعظيما له ضرورة توفي الشيخ قطب الدين سنة ست وثمانين وست ماية ومن نظمه : .
إذا كان أنسى في ألتزامي لخلوتي ... وقلبي عن كل البرية خال .
فما ضرني من كان لي الدهر قالياً ... ولا سرني من كان في موالي .
ومنه : .
ألا هل لهجر العامرية أقصار ... فيقضي من الوجد المبرح أوطار .
عسى ما مضى من خفض عيشى على الحمى ... يعود فلي فيه نجوم وأقمار .
عدمت فؤادي أن تعلقت غيرها ... وأن زين السلوان لي فهو غدار .
ولي من دواعي الشوق في السخط والرضى ... على الوصل والهجران ناه وأمار .
آآسلو وفي الأحشاء من لاعج الجوى ... لهيب أسأل الروح فالصبر منهار .
أخبرني الشيخ أثير الدين شفاها قال : سمعت عليه الحديث وله تواليف لطيفة وكان بينه وبين ابن سبعين عداوة إذ كان ينكر عليه بمكة كثيرا من أحواله وقد صنف في الطايفة التي يسلك طريقهم ابن سبعين وبدأ بالحلاج وختم بالعفيف التلمساني وكان مأماً للمساكين والفقراء الواردين إلى القاهرة يعمل لهم سماطا يأكلون عنده ويبرهم ويعين كثيرا منهم على الحج وأنشدني الشيخ قطب الدين لنفسه : .
لما رأيتك مشرقاً في ذاتي ... بدلت من حالي ذميم صفاتي