الأمام شيخ القراء بدر الدين أبو عبد الله ابن السراج الدمشقي المقرىء النحوي ولد سنة ثمان وستين وست ماية وسمع الكثير بعد الثمانين من أبي أسحق اللمتوني والعز ابن الفراء والأمام عز الدين الفاروثي وطايفة وعني بالقراآت سنة تسعين وبعدها فقرأ للحرميين وأبي عمر علي رضي الدين ابن دبوقا ولابن عامر على جمال الدين الفاضلي ولم يكمل عليه ختمة الجمع ثم كمل على الدمياطي وبرهان الدين الأسكندراني وتلا لعاصم ختمة على الخطيب شرف الدين الفزاري ولازمه مدة وقرأ عليه شرح القصيد لأبي شامة قال الشيخ شمس الدين : وترددنا جميعا إلى الشيخ المجد عليه في القصيد ثم حج غير مرة وانجفل عام سبع ماية إلى مصر وجلس في حانوت تاجرا قبل على العربية فأحكم كثيراً منها وقدم دمشق بعد سنة أعوام وتصدي لأقراء القراآت والنحو وقصده الطلبة وظهرت فضايله وبهرت معارفه وبعد صيته ثم أنه اقرأ لأبي عمرو بأدغام الحمير لتركبوها وبابه ورآه سايغاً في العربية والتزم أخراجه من القصيد وصمم على ذلك مع اعترافه بأنه لم يقل به أحد وقال أنا قد أذن لي في الأقراء بما في القصيدة وهذا يخرج منها فقام عليه شيخنا المجد وابن الزملكاني وغيرهما فطلبه قاضي القضاة ابن صصري بحضورهم وراجعوه وباحثوه فلم ينته فمنعه الحاكم من الأقراء بذلك وأمره بموافقة الجمهور فتألم وأمتنع من الأقراء جملة ثم أنه أستخار الله تعالى في الأقراء بالجامع وجلس للأفادة فأزدحم عليه المقرئون وأخذوا عنه واقرأ العربية وله ملك يقوم بمصالحه ولم يتناول من الجهات درهما ولا طلب جهة مع كمال أهليته قال الشيخ شمس الدين : وذهنه متوسط لا بأس به ثم ولي بلا طلب مشيخة التربة الصالحية بعد مجد الدين التونسي بحكم أنه اقرأ من بدمشق في زمانه قلت : وأشهر عنه أنه لا يأكل إلا اللحم مصلوقة والحلاوة السكرية لا غير ولم يأكل المشمش عمره ومن شعره في المشمش : .
قد كسر المشمش قلبي ولم ... أكسر له منذ أتى قلبا .
لسعره الغالي وعسري معاً ... وأستحي أن القط الحبا .
وكان يدخل الحمام وعلى رأسه قبع لباد غليظ فإذا تغسل رفعه وإذا بطل قلب الماء أعاده فأورثه ذلك ضعفا في البصر وكان له قعدد في جلوسه ومشيته لا يتنخم ولا يبصق إذا كان جالسا للأقراء وتوفي C تعالى خامس ذي الحجة سنة ثلث وأربعين وسبع ماية بدمشق وكان حسن البزة والعمة منور الشيبة طيب النغمة جيد الأداء أنشدني شمس الدين محمد بن يوسف الخياط قال : أنشدني من لفظه لنفسه : .
كلما أخترت أن ترى يوسف الحس ... ن فخذ في يمينك المرآة .
وأنظرا في صفايها تبصرته ... وأعذراً من لأجل ذا الحسن باتا .
لا يذوق الرقاد شوقاً إليه ... قلق القلب لا يطيق ثباتا .
وأنشدني بالسند المذكور له في مليح دخل الحمام مع عمه فلما جعل السدر على وجهه قلب الماء عليه أسود كان هناك : .
وبروحي ظبي على وجهه السد ... ر وقد أغمض الجفون لذلك .
قايلاً عند ذاك حين أتاه ... يسكب الماء عليه أسود حالك .
من ترى الذي يصب أعمى ... قلت بل ذا الذي يصب كخالك .
قلت : قد حقق الشيخ بدر الدين C ما قيل عن شعر النحاة من الثقالة على أنني ما أعتقد أن أحداً رضي لنفسه أن ينظم هكذا والذي أظنه أنه تعمد هذا التراكيب القلقة وإلا فما في طباع أحد يعاني النظم هذا التعسف ولا هذه الركاكة ولكن المعاني جيدة ودخل يوما هو والشيخ نجم الدين القحفازي في درب العجم وبه ظروف زيت فعثر في أحدها فقال الشيخ نجم الدين تعسنا في ظرف المكان فقال الشيخ بدر الدين لأنك تمشي بلا تمييز فقال أن ذا حال نحس أجاز لي C جميع ما صنفه ونظمه وسمعه وكتب لي بخطه سنة ثمان وعشرين وسبع ماية .
ابن عبد الهادي الحنبلي محمد بن أحمد بن عبد الهادي ابن عبد الحميد بن عبد الهادي بن يوسف بن محمد بن قدامة شمس الدين الحنبلي