مولده سنة خمس وسبع ماية وتوفي في العشر الأول من جمادى الأولى سنة أربع وأربعين وسبع ماية سمع القاضي تقي الدين سليمان بن حمزة وأبا بكر بن عبد الدايم وعيسى المطعم وأحمد بن أبي طالب الحجار وأكثر عن محمد الزراد وسعد الدين ابن سعد وعدة وتفقه بالقاضي شمس الدين ابن مسلم وتردد كثيراً إلى العلامة تقي الدين ابن تميية وأخذ العربية عن أبي العباس الأندرشي وعلق على التسهيل مجلدتين وتأذى بذلك أبو العباس الأندرشي وأخذ بعض القراآت تفقها عن ابن بصخان وحفظ كتبا منها أرجوزة الحويي في علم الحديث والشاطبية والرائية والمقنع ومختصر ابن الحاجب وعلق على أحاديثه وعمل تراجم الحفاظ وعمل كتاب الأحكام ولم يكمل قيل لي أنه في ثمان مجلدات وله غير ذلك وكان أخيراً قد نزل عن وظايفه بالمدارس ليلازم الأشتغال والعمل ولو عمر لكان يكون من أفراد الزمان رأيته يواقف الشيخ جمال الدين المزي ويرد عليه في أسماء الرجال وأجتمعت به غير مرة وكنت اسأله اسولة أدبية واسولة نحوية فأجده كأنه كان البارحة يراجعها لأستحضاره ما يتعلق بذلك وكان صافي الذهن جيد البحث صحيح النظر موقع الجزيرة محمد بن أحمد بن عبد السيد هو شرف الدين ابن عماد الدين ابن شرف الدين العوفي الجزيري موقع الجزيرة شيخ حسن حلو العبارة فصيحها له نظم ونثر وكتابة حسنة وله على الدولة خدم ومناصحات رتب له السلطان على ذلك راتباً أنحنى كبرا ومشى على عكازة سألته عن مولده فقال في تاسع شهر رمضان سنة خمس وستين وست ماية أنشدني لنفسه كثيرا فمنه قوله : .
بكت درراً بكيت لها عقيقاً ... فصار قلايداً فوق الصدور .
فلم أر مثل أدمعنا عقوداً ... نقلن من البحور إلى النحور .
ومنه وقد سكن بين السورين بدمشق : .
تباً لساكن جانب النهر الذي ... في جلق فمقام ساكنه عنا .
أن بلت يغتسل الذي تحتي به ... أو بال من فوقي أغتسلت به أنا .
قلت : من قول القايل في شيزر : .
النهر أضحى كالطبيعة لونه ... من غير ما سقم عراه ولا ضنى .
أخرى فيشربه الذي تحتي كما ... يخرى الذي فوقي فأشربه أنا .
ومنه في غلاية : .
ما قبة حمراء أن شئت أن ... تحملها يا سيدي تحمل .
الماء في ظاهرها ساكن ... والنار في باطنها تشعل .
الشيخ شمس الدين الذهبي محمد بن أحمد بن عثمان بن قايماز الشيخ الأمام العلامة الحافظ شمس الدين أبو عبد الله الذهبي .
حافظ لا يجاري ولا فظ لا يباري اتقن الحديث ورجاله ونظر علله وأحواله وعرف تراجم الناس وأزال الأبهام في تواريخهم والألباس من ذهن يتوقد ذكاؤه ويصح إلى الذهب نسبته وانتماؤه جمع الكثير ونفع الجم الغفير وأكثر من التصنيف ووفر بالأختصار مؤنة التطويل في التأليف وقف الشيخ كمال الدين ابن الزملكاني C على تاريخه الكبير المسمى بتاريخ الأسلام جزءاً بعد جزء إلى ان أنهاه مطالعة وقال هذا كتاب علم أجتمعت به واخذت عنه وقرأت عليه كثيراً من تصانيفه ولم أجد عنده جمود المحدثين ولا كودنة النقلة بل هو فقيه النظر له دربة بأقوال الناس ومذاهب الأيمة من السلف وأرباب المقالات وأعجبني منه ما يعانيه في تصانيفه من أنه لا يتعدى حديثاً يورده حتى يبين ما فيه من ضعف متن أو ظلام أسناد أو طعن في رواته وهذا لم أر غيره يراعى هذه الفايدة فيما يورده ومن تصانيفه تاريخ الأسلام وقد قرأت عليه منه المغازي والسيرة النبوية إلى آخر أيام الحسن وجميع الحوادث إلى آخر سنة سبع ماية وتاريخ النبلاء والدول الأسلامية وطبقات القراء وسماه معرفة القراء الكبار على الطبقات والأعصار تناولته منه وأجازني روايته وكتبت عليه : .
عليك بهذه الطبقات فأصعد ... إليها بالثنا أن كنت راقي .
تجدها سبعة من بعد عشر ... كنظم الدر في حسن أتساق .
تجلى عنك ظلمة كل جهل ... به أضحى مقالك في وثاق .
فنور الشمس أحسن ما تراه ... إذا ما لاح في السبع الطباق