قلت : أورد الشيخ قطب الدين اليونيني في ذيله على المرآة في ترجمة الشيخ شرف الدين عبد العزيز الأنصاري المعروف بشيخ الشيوخ عن والده زين الدين ملخصه : كنت جالسا بسوق الخواصين فوقف على شاب رث الثياب ظاهر الاكتياب عليه أثر الفاقة والمرض ما يل السمرة إلى السواد فناولني ورقة فيها أبيات شعر يشكو فيها رقة حاله فقلت له هذا شعرك فقال نعم فرحمته وقلت له انظم أبياتاً في ضياء الدين الشهرزوري لأحملها إليه وخذ هذا الدينار فمضى وأتاني في اليوم الثاني بالأبيات فأوصلتها إليه فسلم عليه وأعطاه خمسة دنانير ثم لم أره ثم انتقلت إلى حماة ووليت بها نظر الأوقاف بعد مجدة وقدم الرشيد المعروف بالصفوى بعد انصرافه عن خدمة الملك الأشرف فتعصب له جماعة من الدولة المنصورية فولى وزارة الملك المنصور ورام مي الحضور فامتنعت فشكاني للسلطان فقال هذا ليس لك عليه اعتراض فتركني الرشيد وأخذ يستميل مودتي فلم انبسط له وفاء للزين ابن فريح لأن أمور الديوان كانتإليه قبل ذلك فما كان إلا أن تغير المنصور على الرشيد فعزله واعتقله بجامع القلعة فجهزت إليه ولدى عبد العزيز وعرض عليه المعونة والمساعدة بكل ما يليق فشكر واثنى والتمس التلطف في خلاصه فسعيت في امره ورد ما كان أخذه من المعلوم على المباشرة ثم حبس نوابه وطلب منهم ارتجاع معاليمهم فقال الرشيد أن هولاء حبسوا بسببي وأنا الذي عوقتهم من مكاسبهم وأنا أقوم بما يطلب منهم فوزن ما طلب منهم وزرته وخاديته وصادقته وباسطته فقال لي يوما خلوة والله يا مولانا ما كان طلبي لك للحكم عليك في عملك بل لا تعرف إليك أما ترعف ذلك الفقير الأسود الأصفير الرث الحال والهيئة الذي وقف عليك بسوق الخواصين وأعطاك ورقة فيها : .
يا أجمل الناس في خلق وأخلاق ... عليك معتمدي من بعد خلاقي .
اسعد مريضاً غريب الدار منفرداً ... ابكى أعاديه من ضر واملاق .
فأحسنت إليه وأمرته بمدح ابن الشهرزوري فنظم لك أبياتاً منها : .
غرة الظبي الغرير ... من هواها من مجيرى .
فلئن صد حبيبي ... ونفى عني سرورى .
وأماتتني الليالي ... موت ذى سقم فقير .
فحياتي بأخي الجو ... د ابن يحيى الشهرزوري .
فأوصلته إليه وأخذت له الجايزة أنا والله ذلك الشخص فاستحييت منه وأطرقت فقال يا مولانا من كانت حاجته إليك وإلى مثلك ما عليه عار قلت : أظن هذا الرشيد و صاحب هذه الترجمة والله اعلم وإلا فهو الرشيد عبد الله بن المظفر الصفوى وهو الصحيح وسيأتي ذكره في حرف العين مكانه ومن شعر صفى الدين محمد بن اسمعيل المذكور يمدح الأشرف موسى : .
ما طبعوا سيوفهم من الحدق ... إلا لأنها أحد وادق .
فواتر بواتر ما رمقت ... قط فابقت للمحبين رمق .
كم أودعت يوم الغرام لوعة ... لهيبها لو لمس النار احترق .
تراهم رقوا لما لقيته ... بعدهم من الفراق والفرق .
يكذبون ما ادعيت من هوى ... وشاهد الحال لدعواى صدق .
انفقت عمرى في تقضى وصلهم ... فضاع ما انفقته وما اتفق .
واببأبي من جمعت وجنته ... ماء ونارا أو صباحاً وغسق .
كأنما في قسمات وجهه ... بين مسائين ابتسامات فلق .
ريم له قلوبنا مراتع ... غصن له ملابس الحسن ورق .
ذو هيف كيف اطاق خصره ... حمل الذي رصع فيه من حدق .
اسهرني ونام ملء جفنه ... موسداً من الفؤاد ما خفق .
قد فتحت لي فيه أبواب عنا ... لأيها شاء الغرام بي طرق .
ألف ما بين الجفون والحشا ... فليته بين الجفون ما فرق .
صاحب ديوان الغرام خاله ... له على الناس ديون وعلق .
مذ سلمت خزاين الحسن له ... فك جميع ما عليها من غلق .
وحازها فلم يجد أحسن من صفات مولانا فخان وسرق .
مظفر الدين المليك الأشرف ال ... كريم حقاً وسواه مختلق .
اللابس المجد جديداً والورى ... عليهم منه الفتيق والخلق