عميد الرؤساء ولد سنة سبعين وثلث ماية وكتب للقايم ستة عشر سنة وتوفي عن ثمان وسبعين سنة سنة ثمان وأربعين وأربع ماية وكان فاضلاً شجاعاً وصنف كتابا في الخراج وروى شعر البحتري عن الحسين بن محمد بن جعفر الخالع عن أبي سهل بن زياد القطان عن أبي الغوث ابن البحتري عن أبيه وديوان أبي نصر ابن نباتة الشاعر وهو القايل : الكتاب سبعة فأولهم الكامل وهو الذي ينشئ وينملي ويكتب والثاني الأعزل وهو الذي ينشئ ويملى ولا يكتب خطا رايقا والثالث المبهم وهو الذي يكتب خطا مليحا ولا يد له في إنشاء ولا إملاء والرابع الرقاعي وهو الذي يبلغ حاجته في رقعة يكتبها ولاحظ له في طول نفس وتنوع في معان ولخامس المخبل وهو الذي له حفظ ورواية ولاحظ له في إنشاء كتاب فإذا كان عاقلاً صلح أن يكون نديما للملوك والسادس المخلط وهو الذي يأتي فيما ينشئه بدرة وبعرة يقرن بينهما فيذهب رونق ما ينشئه والسابع السكيت يشبه بالمتأخر في الحلبة وربما جهد نفسه فأتى بعد اللتيا والتي بمعنى يفهم .
العادل الكبير محمد بن أيوب بن شادى بن مرون السلطان الملك العادل سيف الدين أبو بكر ابن أبي الشكر الدويني ثم التكريتي ثم الدمشقي .
ولد ببعلبك سنة أربع وثلثين غذ أبوه ناي بعليها لزنكي والد نور الدين وهو اصغر من صلاح الدين بسنتين وقيل ولد سنة ثمان وثلثين وقيل ولد سنة أربعين اشتهر بكنيته نشأ في خدمة نور الدين مع أبيه وحضر مع أخيه جميع فتوحاته وملك من الكرج إلى قريب همذان والشام ومصر والجزيرة واليمن وكان خليقا بالملك حسن التدبير حليما صفوحا مجاهدا عفيفا متصدقاً آمرا بالمعروف ناهيا عن المنكر طهر جميع ولايته من الخمر والخواطئ والمكوس والمظالم كذا قال أبو المظفر سبط الجوزى والعهدة عليه في هذه المجازفة قال : وكان الحاصل من ذلك بجهة دمشق خاصة ماية ألف دينار وكفن في غلاء مصر من الغرباء ثلث ماية ألف نفر قال الشيخ شمس الدين : وهذا من مجازفات المذكور وكان يميل إلى العلماء وصنف له الأمام فخر الدين كتاب تأسيس التقديس وجهزه إليه من خراسان قيل أنه ستر إليه ألف دينار ولما قسم ملكه بين أولاده كان يصيف بالشام وشتى بالقاهرة وكان فيه أناة وصبر على الشدايد ويأكل عند ما ينام رضيعا ورطل خبيص سكر بالدمشقى وكان قليل الأمراض قال طبيبه خبره على حرام فإني لم أداوه إلا مرة واحدة في يوم وكان نكاحاً غيورا لا يدخل إلى دوره طواش إلا قبل البلوغ وكان عفيف الفرج لا يعرف غير حلايله انجب له أولاده وسلطان الذكور وزوج البنات بملوك الأطراف وسعد في أولاده وسمع من السلفى وحدث وكان له سبعة عشر واداً وهم شمس الدين مودود والد الملك الجواد والملك الكامل محمد والمعظم عيسى والأشرف موسى والأوحد أيوب والفايز إبراهيم وشهاب الدين غازى والعزيز عثمان والأمجد حسن والحافظ رسلان والصالح اسمعيل والمغيث عمر والقاهر اسحق ومجير الدين يعقوب وتقى الدين عباس وقطب الدين أحمد وخليل وكان له عدة بنات ومات في أيامه شمس الدين مودود والمغيث عمر والملك الأمجد وآخر أولاده وفاة عباس وهو أصغر الأولاد بقي إلى سنة تسع وستين وست ماية وكان العادل من أفراد العالم توفي في سابع جمادى الآخرة سنة خمس عشرة وست ماية بعالقين بالعين المهملة والقاف قريبا من دمشق فكتبوا إلى المعظم ولده وكان بنابلس فساق في ليلة واتى فصبره وجعله في محفة ونقله إلى قلعة دمشق فلما صار بها اظهروا موته ثم نقل إلى تربته ومدرسته المعروفة به بدمشق ولما تولى المعظم رد المكوس والخمر واعتذر بالفرنج وقلة المال ومدحه ابن عنين الآتى ذكره بقصيدة طنانة رائية وكان أخوه صلاح الدين قد نفاه إلى اليمن يسأله العود إلى دمشق وأذن له في ذلك وأولها : .
ماذا على طيف الأحبة لو سرى ... وعليهم لو سامحوني بالكرى .
جنحوا إلى قلو الوشاة اعرضوا ... والله يعلم أن ذلك مفترى .
منها في المديح : .
وله البنون بكل أرض منهم ... ملك يقود إلى الأعادي عسكرا .
من كل وضاح الجبين تخاله ... بدراً وأن شهد الوغى فغضنفرا .
متقدم حتى إذا النقع انجلى ... بالبيض عن سبى الحريم تأخرا .
قوم زكوا اصلاً وطابوا محتداً ... وتدفقوا جوداً وراقوا منظرا