قال ابن رشيق : أما البيت الأوسط فقد ظلمني فيه ظلماً ظاهراً لأني أنشدته لنفسي غير مرة : .
أنت في حل وفي سعة ... من دمي يا من تقلده .
قلت : وابن رشيق ظلم البستي ظلماً ظاهراً لأنه قال : .
إن أمت وجداً فلي قدم ... بي إلى حتف الهوى سعت .
أو ترق تلك اللحاظ دمي ... فهي في حل وفي سعة .
قال ابن رشيق : وأبوه أيضاً شاعر مجود غير أنه لا ينسب إلى ذلك السنبسي محمد بن خليفة بن حسين أبو عبد الله النميري العراقي الشاعر المعروف بالسنبسي اسمم أمه سنبسة أصله من هيت أقام بالمحلة عند سيف الدولة صدقة بن مزيد وكان شاعره وشاعر ولده دبيس روى عنه السلفي وتوفي سنة خمس عشرة وخمس ماية أورد له محب الدين ابن النجار قوله : .
قم فاسقنيها على صوت النواعير ... حمراء تشرق في ظلماء ديجور .
كانت سراج أناس يهتدون بها ... في أول الدهر قبل النار والنور .
فأصبحت بعد ما أفنى ذبالتها ... مر السنين وتكرار الأعاصير .
تهتز في الكاس من ضعف ومن كبر ... كأنها قبس في كف مقرور .
يحكيه لينوفر يحكي كما يمه ... زرق الأسنة في لون وتقدير .
مغرورق كرؤس البط متلعة ... أعناقها وهم ميل المناقير .
ينظرون من خلل الضحضاح في غسق ... إلى نجوم بهار كالدنانير .
وقوله : .
نفض ختاماً عن حديث كأنه ... وإن مل من أسماعنا لم يردد .
فإما لأمر عاجل نسترده ... وإما لهجر فات أو ذكر موعد .
وقوله : .
وخمارة من بنات المجو ... س لا تطعم النوم إلا غرارا .
طرقت على عجل والنجو ... م في الجو معترضات حياري .
وقد برد الليل فاستخرجت ... لنا في الظلام من الدن نارا .
ومن شعر السنبسي : .
فو الله ما أنسى عشية ودعوا ... ونحن عجال بين غاد وراجع .
وقد سلمت بالطرف منها فلم يكن ... من النطق إلا رجعنا بالأصابع .
ورحنا وقد روى السلام قلوبنا ... ولم يجر منا في خروق المسامع .
أنشدت هذه الأبيات في مجلس سيف الدولة صدقة فطرب منها وما ارتضاها مقدار بن المطاميري فقال له سيف الدولة : ويلك يا مقيدير ! .
ما تقول ؟ قال : أقول خيراً منه قال : إن خرجت من عهدة دعواك وإلا ضربت عنقك فقال وهو سكران ملتج : .
ولما تناجوا للفراق غدية ... رموا كل قلب مطمئن برايع .
وقمنا فمبد حنة أثر أنة ... تقوم بالأنفاس عوج الأضالع .
مواقف تدمى كل عبراء ثرة ... خروق الكرى إنسانها غير هاجع .
أمنا بها الواشين أن يلهجوا بنا ... فلم نتهم إلا وشاة المدامع .
فطرب سيف الدولة وأمره بالجلوس عند قلت : لكن قول الأول ضجرة في المدامع خير من الأبيات الثانية بمجموعها .
ابن خليل .
الشيخ محمد الأكال محمد بن خليل بن عبد الوهاب بن بدر أبو عبد الله المعروف بالأكال أصله من جبل بني هلال ومولده بقصر حجاج خارج دمشق سنة ست ماية وتوفي سنة ثمان وخمسين ماية في شهر رمضان كان رجلاً صالحاً كثير الإيثار وحكاياته في أخذ الأجرة على ما يأكله وما يقبله من بر الملوك والأمراء وغيرهم مشهورة لم يسبقه إلى ذلك أحد ولا اقتفى أثر غيره وجميع ما يتحصل له يصرف في وجوه البر ويتففد به المحاييس والمحاويج والأرامل وكان بعض الناس ينكر على من يعامله بهذه المعاملة فإذا اتفق له ذلك معه انفعل له ودفع له ما يرضاه على الأكل وكلما تناهى الإنسان له في المطعم وتأنف زاد هو في الاشتراط عليه وكان مع ذلك حلو الشكل والحديث تام الشكل مليح العبارة له قبول تام من ساير الناس توفي سنة ثمان وخمسين وست ماية .
شمي الدين الصوفي محمد بن خليل الشيخ شمس الدين الصوفي سمع من الشيخ شمي الدين أبي بكر محمد بن إبراهيم المقدسي وأبي الهيجاء غازي ابن أبي الفضل الحلاوي وغيرهما وحدث مراراً أجاز لي