هذا يشبه قول ابن عبادة القزاز الأندلسي وقيل لغيره : .
ألؤلؤ دمع هذا الغيث أن نقط ... ما كان أحسنه لو كان يلتقط .
بين السحاب وبين البرق ملحمة ... قعاقع وظبى في الجو تخترط .
والريح تحمل أنفاساً مصعدة ... مثل العبير بماء الورد يختلط .
والروض ينشر من ألوانه زهراً ... كما تنشر بعد الطية البسط .
كتب إليه ابن صقلاب مع نثر : .
أما والهوى العذري وهو يمين عليه من الطرف الكحيل أمين .
لقد خضت مقداماً شاكل فيلق ... ولما ترعني الحرب وهي زبون .
وقد حاد عن لقيا كتابك خاطري ... كما حاد منخوب الفؤاد طيعن .
أفي كل صدر منك صدر كتيبة ... وفي كل حرف غارة وكمين .
عجبت للفظ منك ذاب نحافة ... ومعناه ضخم ما أردت سمين .
وأعجب من هذين أن بيانه ... حياة لأرباب الهوى ومنون .
زحمت به في غنجها مقل الدمى ... وعلمت سحر النفث كيف يكون .
فأجاب ابن عبد ربه : .
أيا راكباً إن الطريق يمين ... وحيث ترى حياً ففيه كمين .
وإني وإن أفلت منهم فإنما ... نجوت وقلبي باللحاظ طعين .
عيون حياة النفس بين لحاظها ... وإن كان في تلك اللحاظ منون .
وأعلق منها بالنفوس وقد جرى ... حديثك يوماً والحديث شجون .
سطور كهاتيك اللحاظ بعينها ... تقول لنفس السحر كن فيكون .
وما كنت أدري قبل فن نهجته ... بأن بلاغات الرجال فنون .
الجهشياري محمد بن عبدوس بن عبد الله الجهشياري بالجيم والشين المعجمة بعد الهاء مصنف كتاب الوزراء كان فاضلاً مداخلاً للدول مات في بغداد سنة إحدى وثلثين وثلث ماية مستتراً واستتر أولاده وحاشيته وكان حاجباً بين يدي الوزير أبي الحسن علي بن عيسى بن داود بن الجراح وقال محمد بن إسحب : ابتدأ الجهشياري بتأليف كتاب اختار فيه ألف سمر من أسمار العرب والعجم والروم وغيرهم كل خبر قديم بذاته لا تعلق له بغيره وأحضر المسامرين وأخذ عنهم أحسن ما يعرفون واختار من الكتب المصنفة في الأسمار والخرافات ما يحلو بنفسه من تتمة ألف سمر وقال : ورأيت من ذلك عدة أجزاء بخط أبي الطيب أخي الشافعي وصنف كتاب الوزارء وكتاب ميزان الشعر والاشتمال على أنواع العروض وأما نسبته إلى جهشيار فإن أباه كان يخدم أبا الحسن علي بن جهشيار القايد حاجب الموفق وكان هصيصاً به فنسب إليه .
ابن عبدون .
الوراق السوسي محمد بن عبدون الوراق السوسي بل هو من أكابر القيروان لكن أبوه سكن سوسة قال ابن رشيق هو شاعر وطي الكلام كلف بعذوبة اللفظ والمعنى البعيد يتسلك إليه بلطافة ارتحل سنة ثلث وتسعين وثلث ماية إلى ثقة الدولة يوسف وامتدحه وأحسن إليه وأضافه إلى ولده جعفر وأكرمه قال يتشوق إلى وطنه : .
يا قصر طارف همي فيك مقصور ... شوقي طليق وخطوي عنك مقصور .
إن نام جارك إني ساكن أبداً ... أبكي عليك وباكي العين معذور .
عندي من الوجد ما لو فاض عن كبدي ... إليك لاحترقت من حولك الدور .
لا هم إن الهوى والوجد قد غلبا ... صبري فكل اصطباري فيهما زور .
وقال أيضاً : .
ولما رأيت البدر قمت مسلماً ... عليه وأظهرت الخضوع لديه .
وقلت له : إن الأمير ابن يوسف ... شبيهك قد عز الوصول إليه .
فكن لي شفيعاً عنده ومذكراً ... إذا جئته تبغي السلان عليه .
تسلط على هذا المعنى من قول ابن الرومي : .
بالله يا قمر الدجا ... كن لي إلى قمري شفيعاً .
وقال يرثي جاريته وابنه : .
قبر بسوسة قد قبرت به النهى ... أدرجت لحدي في مدارج لحده .
أسكنته سكني ورحت كأنني ... في الأرض لا بشراً أرى من بعده .
عجباً لمن ألقى عليه رداءه ... أو مد كفاً في الصعيد لرده .
صمت علي مسامعي في رقه ... وضعفت من صعق الصراخ ورعده