وبحرٍ طافح الشطين صافٍ ... نأى عرضاه في عرض وطول .
توافيه الجداول وهي حسرى ... فشكوا تيهاً شكوى العليل .
كأن الموج في عيريه ترسٌ ... تذهب متنه كف الأصيل .
تفيء عليه رائحةٌ حسانٌ ... فتؤويه إلى ظلٍ ظليل .
كأن مكان فيء الظل منه ... مكان اللمس من سيفٍ صقيل .
وأورد للخطيب المذكور من أبيات : .
فجدوله في سرحة الماء منصلٌ ... ولكنه في الجزع عطف سوار .
وأمواجه أرداف غيدٍ نواعم ... يلفعن بالآصال ربط نضار .
إذا قابلته الشمس أذكاه نورها ... فبدل منه الماء جذوة نار .
يفيء عليه الدوح مضاعفاً ... فيرجع منه بدره لسرار .
كأن مكان الظل صفحة وجنةٍ ... أظلت عليها خضرةٌ لعذار .
أو البكر حاذت بالسجنجل خدها ... وقد سترت من بعضه بخمار .
وأورد ابن الأبار لنفسه : .
ونهرٍ من ذابت سبائك فضة ... حكى بمجانيه انعطاف الأراقم .
إذا الشفق استولى عليه احمراره ... تبدى خضيباً مثل دامي الصوارم .
وتحسبه سنت عليه مفاضةٌ ... لأن هاب هبات الرياح النواسم .
وتطلعه من دكنةٍ بعد زرقةٍ ... ظلال لأدواح عليه نواعم .
كما انفجر الفجر المطل على الدجى ... ومن دونه في الأفق سحم الغمائم .
وأورد لنفسه أيضاً : .
غربت به شمس الظهيرة لاتني ... إحراق صفحته لهيباً مشعلا .
حتى كساه الدوح من أفنائه ... برداً يمزق في الأصائل هلهلا .
فكأنما لمع الظلال بمتنه ... قطع الدماء جمدن حين تخللا .
وأورد لنفسه أيضاً : .
غارت على شطيه أبكار المنى عصر الشباب .
فالظل يبدو فوقه ... كالخال في خد الكعاب .
لا بل أدار عليه خو ... ف الشمس منه كالنقاب .
مثل المجرة جر فيها ذيله جون السحاب .
قلت : هذه المقاطيع وإن كانت في غاية الحسن فإنها لا تداني قول الرصافي فإنه تخيل لطيف إلى الغاية والتخيل الذي في المقطوع الأول للخطيب ثانيه في الحسن ونائبه .
نصير الدين كاتب الحكم محمد بن غالب بن محمد بن مري نصير الدين أبو عبد الله الأنصاري كاتب الحكم بدمشق .
كان مليح الشكل حسن الخط خبيراً بالشروط ووالده كمال الدين قاضي بعلبك في الأيام الأمجدية .
توفي نصير الدين بالديار المصرية وقد كان انجفل إليها من التتار سنة ثمان وخمسين وست مائة ومولده سنة تسعين وخمس مائة .
ومن شعره : .
حيّ الملاعب من سلعٍ وواديه ... وحيّ سكانه واحلل بناديه .
وأنشد فؤادي إذا عاينت جمعهم ... بين الخيام فقد خلفته فيه .
واشرح هنالك أشواقي وصف شجني ... وقل سليم هواكم من يداويه .
ومن لمهجة صبٍ مسه وصبٌ ... من الغرام بكم قد عز راقيه .
يا جيرة الحي قد جرتم ببعدكم ... على فتىً قربكم أقصى أمانيه .
قد كاد من بعدكم تقضى منيته ... لولا تدارك طيف الحلم يأتيه .
قد ملّ عواده منه زيارته ... ومله أهله يأساً وآسيه .
أحن شوقاً إلى الوادي ويطربني ... نوح الحمام سحيراً في نواحيه .
ربعٌ يلذ لقلبي لثم تربته ... إذا حلّ يوماً بواديه بواديه .
فهل تعيد لنا أيام قربهم ... وطيب عيشي تقضى في مغانيه .
الجياني محمد بن غالب بن شعبة الشيخ الإمام الصالح الزاهد البركة المحدث شمس الدين أبو عبد الله الجياني الأندلسي .
ولد بعد العشرين وست مائة وارتحل في طلب الحديث وسمع من الرضي ابن البرهان وابن عبد الدائم وطبقتهما ثم جاور بمكة إلى أن توفي C سنة اثنتين وسبع مائة .
ابن غسان .
سيف الدولة الحمصي محمد بن غسان بن غافل بن نجاد بن ثامر الحنفي الأمير الأنصاري الخزرجي الحمصي سيف الدولة أبو عبد الله . ولد بحمص وقدم دمشق وهو صبي وسمع وروى .
وتوفي سنة اثنتين وثلاثين وست مائة .
ابن فارس