المجسم محمد بن كرام بن عراف بن خُرايه الشيخ أبو عبد الله السجستاني الضال المجسم شيخ الكرامية .
سمع الحديث والتفسير وكان ملبوسه مسك ضان مدبوغ غير مخيط وعلى رأسه قلنسوة بيضاء .
وقد نصب له دكان لبن ويطرح له قطعة فرو فيجلس عليها ويعظ ويذكر ويحدث .
وأثنى عليه ابن خزيمة واجتمع به غير مرة وأبو سعيد الحاكم قال الشيخ شمس الدين : وهما إماما الفرقين .
مات بالشام في صفر سنة ست وخمسين ومائتين ومكث في سجن نيسابور ثمان سنين ولما مات لم يعلم بموته إلا خاصته ودفن بمقابر الأنبياء عند يحيى وزكريا بالقدس ومات في زغر فحمله أصحابه إلى القدس ولما توفي كان أصحابه في القدس أكثر من عشرين ألفاً على التشقف والتعبد .
وكان نصر بن إبراهيم المقدسي ينكر عليهم ويقول : ظاهر حسن وباطن قبيح .
وكان قد جاور بمكة خمس سنين ثم دخل نيسابور فحبسه محمد بن عبد الله بن طاهر وطالت محنته .
وكان يغتسل كل يوم جمعة ويتأهب للخروج إلى الجامع ويقول للسجان : أتأذن لي في الخروج ؟ فيقول : لا فيقول : اللهم إني بذلت مجهودي والمنع من غيري .
وكان معه جماعة من الفقراء . ولما أخرج من السجن وعقد له مجلس علم قال له الأمير : من أين لك هذا العلم الذي جئت به ؟ فقال : إلحامٌ ألحمينه الله تعالى - بالحاء المهملة بدلاً من الهاء - فقال له : أتحسن التشهد ؟ فقال : الطحيات لله - بالطاء المهملة - حتى بلغ قوله : السلام عليك أيها النبي ورحمة الله فأشار إلى إبراهيم بن الحصين فقال له : قطع الله يدك وأمر به فصفع وأخرج .
وقال ان حبان : كان قد خذل حتى التقط من المذاهب أرداها ومن الأحاديث أوهاها ثم جالس الجويباري ومحمد بن تميم السعدي ولعلهما قد وضعا على النبي A مائة ألف حديث ثم جالس أحمد بن حرب فأخذ التقشف عنه ولم يحسن العلم ولا الأدب وأكثر كتبه صنفها له مأمون بن أحمد السلمي ومن مذهبه : الإيمان قول بلا معرفة ويزعم أن النبي صلى اله عليه وسلم لم يكن حجة على خلقه لن الحجة لا تندرس ولا تموت ويزعم أن الاستطاعة قبل الفعل ويجسم الرب جل وعلا وكان داعيةً إلى البدع يجب ترك حديثه .
وقال صاحب كتاب الفرق الإسلامية : كان محمد بن ركام من الصفاتية المثبتين لصفات الرب تعالى لكنه انتهى فيها إلى الجسيم والتشبيه .
والكرامية فرق يبلغون اثنتي عشرة فرقة لكن أصولها ستة : العائذية والنونية والإسحاقية... و والزرينية والهيصمية وأقربهم الهيصمية ولكل فرقة رأي في التجسيم والتكييف إلا أنهم لما كانوا أغبياء جهلاء ذهبوا في التجسيم إلى اعتقادات خسيسة تنافي العقل والشرع وتخالفهما ولم يكن فيهم عالم معتبر ولا لهم قاعدة دينية يمكن القول بها في الجملة أعرضنا عن ذكر كل فرقة واكتفينا بنقل مذهب زعيمهم محمد بن كرام إذ كان صاحب مقالاتهم فنقول : نص محمد بن كرام على أن معبوده على العرش مستقر وعلى انه بجهة فوق ذاناً وأطلق عليه اسم الجوهر وأنه مماس للعرش من الصفحة العليا وجوز الانتقال والتحول والنزول ومن أصحابه من قال : هو على بعض أجزاء العرش ومنهم من قال : امتلأ به العرش قلت : تعالى الله الذي ليس كمثله شيء وهو السميع البصير .
وقال الشهرستاني : كان محمد بن كرام قليل العلم قد قمش من كل مذهب ضعفاً وأثبته في كتابه وروجه على أغتام فانتظم ناموسه بسواد خراسان وصار ذلك مذهباً نصره السلطان محمود بن سبكتكين وصب البلاء على أصحاب الحديث من جهتهم انتهى .
وكان قد نفاه الأمير يأنس وكان على الرملة والقدس .
قال ابن الجوزي في المرآة : كان بالقدس رجل يقال له هجام يحب الكرامية ويحسن الظن بهم فنهاه الفقيه نصر بن إبراهيم المقدسي عنهم فقال : إن مالي ما ظهر منهم فقال له : ظاهر حسن وباطن قبيح فلما كان بعد ليال رأى هجام في المنام كأنه اجتاز برباطهم وقد نبت النرجس في حيطانه فمد يده ليأخذ طاقة منه فوجد أصوله في العذرة فقص رؤياه على الفقيه نصر فقال له : هذا تصديق ما قلت لك : ظاهرهم حسن وباطنهم خبيث .
وأصحاب ابن كرام اليوم بسجستان وخراسان منهم خلق كثير ولهم معبد زائد ولهم مقالات في التشبيه والحلول انتهى .
ابن كشتغدي .
ناصر الدين الغزي محمد بن كشتغدي الأمير ناصر الدين الغزي المصري الصيرفي ولد سنة إحدى وستين وست مائة سمع من النجيب والمعين الدمشقي أجاز لي بالقاهرة سنة ثمان وعشرين وسبع مائة .
ابن كناسة