وأما المهذب فذكره صريحاً كقوله في جملة المنام الذي رآه : وإن القيامة قد قامت والخلق في الموقف وغذا بحلقة عظيمة بعيدة الأقطار فيها من الأمم ما لا يحصى كلهم يصفقون ويلعبون وثلاثة في وسطهم يرقصون إلى أن تعبوا ووقعوا إلى الأرض فسألنا بعض الحاضرين عن ذلك الفرح وعن الثلاثة الذين يرقصون فقال : أما الثلاثة فعبد الرحمن بن ملجم المرادي والشمر بن ذي الجوشن والحجاج بن يوسف مجرمو هذه الأمة وأما الفرح الذي ألهاهم عن توقع العقاب حتى رقصوا من الطرب مع ما كانوا عليه من رجاحة العقل ونزاهة النفس فهو الطمع في رحمة الله تعالى بعد اليأس منها والسبب فيه كون البارئ D غفر اليوم للفقيه المجير والمهذب ابن النقاش فخذوا أنتم بحظكم رحمكم الله من الفرح والسرور فقلت : وأي شيء ينالنا نحن من نجاة هذين الرجلين ومن فوزهما بالرحمة والرضوان ونحن إلى الحزن أقرب منا للسرور ؟ فقال : قد أجمع الناس على أنه لم يولد مولود في الإسلام ارق ديناً من هذين الرجلين ولا أقل خيراً مهما فإذا غفر لهما فما عسى أن يكون ذنوب الحجاج وأصحابه وما ذنوبهم في جنب ذنوب هذين إلا كالشعرة البيضاء في الثور الأسود .
ثم أن الوهراني استطرد بعد هذا في ذكره من شيء إلى شيء في ذكر معائب وقبائح بمقاصد غريبة خفية الكيد وكرر ذكره في ترسله رماه بكل عظيمة .
وأما تاج الدين الكندي فذكره أيضاً في غير موضع من ذلك في رسالة منها وقد ذكر قصيدة للكندي أولها : .
قدمت فلم أترك لذي قدمٍ حكما ... كذلك عادي في العدى والندى قدما .
ومع هذا فما ينبغي أن يبتدئ مثل هذه البداءة إلا مصعب بن الزبير أو يزيد بن المهلب أو مسلم بن قتيبة الذين جمعوا الشجاعة والكرم وأما الرجل السوقة إذا قال هذا الكلام فما يجاوب إلا بمكاوي البيطار في اليأفوخ والأصداغ .
وأما قوله : .
إذا وطئ الضرغام أرضاً تضايقت ... خطا وحشها عنه فيوسعها هزما .
فإنه وإن كان من الشعر الذي تمجه الأسماع وتأباه النفوس فما له عمدي جواب إلا الضراط المغربي الصلب يصفى في جوف لحية قائله من مكان قريب .
وأما قوله : .
وإن أك في صدرٍ من العمر شارخاً ... فكم يفنٍ عن همتي بفتىً هما .
فلو أن لي به قوة أو آوي إلى ركن شديد لكتبت هذا البيت بالخرا على روق القنبيط ثم ألزمته أن يأكله فيكون الخرا قد أكل الخرا من خرا على خرا في خرا .
وأما قوله : .
سبقت إلى غايات كل فضيلةٍ ... تعز على طلابها العرب والعجما .
فهذا البيت المصيبة العظمى والطامة الكبرى وليس ينبغي أن يجاوب في هذا بجواب إلا أن يحضره بعض السلاطين ويقول له : أنت قلت " سبقت إلى غايات كل فضيلة " ؟ فيقول : نعم فيرمي قوساً ويقول : جر هذا القوس فيقول : ما أقدر فيقول : اصفعوه فيصفع ثم يقدم له فرساً ورمحاً ودرعاً ويقول له : قاتل هذا الغلام بهذا السلاح فيقول : ما أقدر فيقول : اصفعوه فيصفع فيقول له : فحل لنا شكلاً من إقليدس فيقول : لا أعلم فيقول : اصفعوه فيصفع فيقول : مسالة من المجسطي فيقول : لا أعلم فيقول : اصفعوه فيصفع فيقول له : مسألة من النجوم فيقول : لا أعلم فيقول : اصفعوه فيصفع فيقول له : يا ابن عشرة آلاف قحبة فأي شيء تعلم ؟ فيقول : أعلم شيئاً في النحو والتصريف لا غير فيقول له : ولأجل النحو والتصريف تقول " سبقت إلى غايات كل فضيلة " ؟ رحم امرأة سيبويه ؟ ؟ ؟ والكلب على عيال الأخفش ؟ واصفع الفارسي عشرة آلاف فلعة قفاه فيصفع حتى يعمى .
ومن كلامه : عشرة أشياء من أبواب البر تسخط الله وترضي الشيطان وهي : انقطاع ابن الصابوني إلى الله D في القرافة وتعصب الخبوشاني لقبر الشافعي C وتنفل القاضي الأثير قبل صلاة الجمعة وبعدها وظهور سجادة في هذه الأيام على وجهه وصلاة السديد الطبيب التراويح في شهر رمضان وبكاء الفقيه البهاء على المنبر يوم الجمعة