محمد بن مكرم بتشديد الراء بن علي بن أحمد الأنصاري الرويفعي الإفريقي ثم المصري القاضي جمال الدين أبو الفضل من ولد رويفع بن ثابت الصحابي ولد أول سنة ثلاث وسمع من يوسف بن المخيلي وعبد الرحمن بن الطفيل ومرتضى بن حاتم وابن المقير وطائفة وتفرد وعمر وكبر وأكثروا عنه وكان فاضلاً وعنده تشيع بلا رفض مات في شعبان سنة إحدى عشرة وسبع مائة خدم في الإنشاء بمصر ثم ولي نظر طرابلس كتب عنه الشيخ شمس الدين أخبرني الشيخ أثير الدين من لفظه قال : ولد المذكور يوم الاثنين الثاني والعشرين من المحرم سنة ثلاثين وست مائة وهو كاتب الإنشاء الشريف واختصر كتباً وكان كثير النسخ ذا خط حسن وله أدب ونظم ونثر وأنشدني المذكور لنفسه سادس ذي الحجة سنة إحدى وثمانين وست مائة .
ضع كتابي إذا أتاك إلى الأر ... ض وقلبه في يديك لماما .
فعلى ختمه وفي جانبيه ... قبل قد وضعتهن تؤاما .
كان قصدي بها مباشرة الأر ... ض وكفيك بالتثامي إذا ما .
وأنشدني المذكور لأبيه المكرم : .
الناس قد أثموا فينا بظنهم ... وصدقوا بالذي أدري وتدرينا .
ماذا يضرك في تصديق قولهم ... بأن نحقق ما فينا يظنونا .
حملي وحملك ذنباً واحداً ثقةً ... بالعفو أجمل من إثم الورى فينا .
أنشدني له أيضاً : .
توهم فينا الناس أمراً وصممت ... على ذاك منهم أنفس وقلوب .
وظنوا وبعض الظن إثم وكلهم ... لأقواله فينا عليه ذنوب .
تعال نحقق ظنهم لنريحهم ... من الإثم فينا مرة ونتوب .
قلت : أخذه من قول القائل : .
قم بنا تفديك نفسي ... نجعل الشك يقينا .
فإلى كم يا حبيبي ... يأثم القائل فينا ؟ .
وأخذ هذا من قول الأول : .
ما أنس لا أنسَ قولها بمنى : ... ويحك إن الوشاة قد علموا .
ونم واشٍ بنا فقلت لها : ... هل لك يا هند في الذي زعموا ؟ .
قالت : لماذا ترى ؟ فقلت لها : ... كي لا تضيع الظنون والتهم .
قلت أنا كأني حاضر خطابهما : .
هذا محب وما يخلصه ... في دينه إن وشاته أثموا .
فواصليه واصغي لمغلطةٍ ... يقبلها من طباعه الكرم .
يا ويح وصل أتى بمغلطة ... إن كنت لم يرع عندك الذمم .
ولكن المكرم في معناه زيادة على من تقدمه وقوله ثقة بالعفو من أحسن متممات البلاغة وأنشدني الشيخ أثير الدين قال : أنشدني فتح الدين أبو عبد الله البكري قال : أنشدني ابن المكرم لنفسه : .
بالله إن جزت بوادي الأراك ... وقبلت عيدانه الخضر فاك .
ابعث إلى المملوك من بعضه ... فإنني والله ما لي سواك .
قلت : ما أعرف في كتب الأدب شيئاً إلا وقد اختصره جمال الدين بن المكرم فمما اختصره كتاب الأغاني ورتبه على الحروف وزهر الآداب وكتاب الحيوان فيما أظن واليتيمة والذخيرة ونشوار المحاضرة وغير ذلك حتى مفردات ابن البيطار وكان يختصر ويكتب في ديوان الإنشاء واختصر تاريخ ابن عساكر وتاريخ الخطيب وذيل ابن النجار وجمع بين كتاب الصحاح للجوهري والمحكم لابن سيده وكتاب الأزهري فجاء ذلك في سبعة وعشرين مجلداً ورأيت أولها وقد كتب عليه أهل ذلك العصر يقرظونه ويصفونه بالحسن كالشيخ بهاء الدين ابن النحاس وشهاب الدين محمود وغيره ومحيي الدين بن عبد الظاهر فيما أظن وأخبرني من لفظه ولده قطب الدين بقلعة الجبل في ديوان الإنشاء أن والده مات وترك بخطه خمس مائة مجلد .
أبو المعالي النجم الرملي .
محمد بن مكي بن محمد بن إبراهيم الداري الرملي أبو المعالي المنجم الشاعر روى عنه أبو عبد الله الحراني في روضة الأدباء من جمعه وكتب عنه أبو الوفاء أحمد بن محمد بن الحصين الكاتب من شعره : .
ليس للعدل رجعة وقفول ... وولاه الأمور عنه عدول .
من قضاة على النفوس قضاة ... وعدول عن كل خير عدول .
ومنه أيضاً : .
تعرض لي والقلب صاح من الهوى ... غزال سقتني سكرة الوجد عيناه .
على مطلع البدرين يطلع وجهه ... وفي حلل النجمين تبدو ثناياه