ولكن عقلي في اعتقال صبابتي ... سيجعل لي في كل جارحة وجدا .
ومنه يصف مكاتبة : .
يود أخو إياد لو وعاها ... ويسحب ذيله سحبان ذلا .
وتحسبها شمالاً وهي تسري ... لتجمع من شمول الراح شملا .
ولو كحلت عيون العين منها ... لأبقت في العيون النجل كحلا .
الشاعر .
محمد بن مناذر أبو ذريح وقيل أبو عبد الله الشاعر البصري مولى عبد الله بن أبي بكرة مدح المهدي وغيره وكان فصيحاً قدم بغداذ وتنسك ثم عاد إلى البصرة فابتلي بمحبة بن عبد الوهاب الثقفي فسقط فمات فرثاه ابن مناذر ومات بعده بيسير سنة ثمان وتسعين ومائة قال الثوري : سألت أبا عبيدة عن اليوم الثاني من أيام النحر ما كانت العرب تسميه فقال : لا أعلم فلقيت ابن مناذر فأخبرته فقال : أخفي هذا على أبي عبيدة ؟ هذه أيام متواليات كلها على حرف الراء فالأول يوم النحر والثاني يوم القر والثالث يوم النفر والرابع يوم الصدر قال : فلقيت أبا عبيدة فأخبرته فكتبه عني عن محمد بن مناذر أسند ابن مناذر عن شعبة وعن ابن عيينة وغيرهما وقد أسقط يحيى بن معين روايته قال : وكان صاحب شعر لا صاحب حديث كان يتعشق عبد المجيد ويقول فيه الشعر ويشبب بنساء ثقيف فطردوه من البصرة فخرج إلى مكة وكان يرسل العقارب في المسجد الحرام حتى تلسع الناس ويصب المداد في الليل بالأماكن التي يتوضأ الناس منها حتى تسود وجوههم لا يروى عن رجل فيه خير . وقال ابن مناذر يرثي عبد المجيد : .
كل شيء لاقى الحمام فمودي ... ما لحي مؤمل من خلود .
لا تهاب المنون شيئاً ولا تب ... قي على والد ولا مولود .
إن عبد المجيد يوم تولى ... هد ركناً ما كان بالمهدود .
هد ركني عبد المجيد وقد كن ... بركن أنوء منه شديد .
ما درى نعشه ولا حاملوه ... ما على النعش من عفاف وجود .
لأقيمن مأتماً كنجوم ال ... ليل زهراً يلطمن حر الخدود .
كنت لي عصمة وكنت سماء ... بك تحيا أرضي ويخضر عودي .
وهي طويلة ورثاه بغيرها وقال يرثي سفيان بن عيينة : .
إن الذي غودر بالمنحنى ... هد من الإسلام أركانا .
يا واحد الأمة في علمه ... لقيت من ذي العرش غفرانا .
لا يبعدنك الله من ميت ... ورثنا علماً وأحزانا .
كان ابن مناذر يجلس إلى إسكاف بالبصرة فلا يزال يهجوه فيضج الإسكاف ويقول له : أنا صديقك فاتق الله وابق على الصداقة وابن مناذر يلح فقال الإسكاف : فإني أستعين بالله عليك وأتعاطى الشعر فلما أصبح غدا عليه ابن مناذر كما كان يفعل وأخذ يهجوه ويعبث به فقال الإسكاف : .
كثرت أبوته وقل عديده ... ورمى القضاء به فراش مناذر .
عبد الصبيريين لم تك شاعراً ... كيف ادعيت اليوم نسبة شاعر .
فشاع البيتان بالبصرة ورواهما أعداؤه وتناشدوهما كلما رأوه فخرج من البصرة هارباً إلى مكة وجاور بها ومن شعره في البرامكة : .
أتانا بنو الأملاك من آل برمك ... فيا طيب أخبار ويا حسن منظر .
إذا وردوا بطحاء مكة أشرقت ... بيحيى وبالفضل بن يحيى وجعفر .
وتظلم بغداذ ويجلو لنا الدجى ... بمكة ما كانوا ثلاثة أقمر .
فما صلحت إلا لجود أكفهم ... وأرجلهم إلا لأعواد منبر .
أبو شجاع الواعظ