محمد بن المنجح بن عبد الله أبو شجاع الواعظ تفقه على أبي محمد عبد الله بن أبي بكر الشاشي وسافر إلى الشام في سنة أربعين وخمس مائة ووعظ بدمشق وأقام بها مدة وخرج إلى بعلبك وولي القضاء بها وصرف عنها بعد مدة وعاد إلى بلاد الجزيرة ولقي ابن البزري الفقيه الشافعي وأحكم عليه قراءة المذهب وكتب بيده الشامل لابن الصباغ والبسيط للغزالي وغير ذلك من الكتب الكبار وقدم بغداذ ووعظ بها وعاد إلى بلاد الجزيرة ولازم ابن البزري إلى أن توفي في أوائل سنة ستين وخمس مائة ثم عاد إلى بغداذ وكان فقيهاً فاضلاً حسن الكلام في المناظرة أديباً مليح الشعر لطيفاً ظريفاً سمع الحديث من أبي بكر محمد بن عبد الباقي الأنصاري وأبي القاسم عبد الرحمن بن طاهر بن سعيد الميهني وغيرهما وحدث باليسير سمع منه القاضي أبو المحاسن عمر بن علي بن الخضر القرشي من شعره : .
عذيري من زمن كلما ... شددت عرى أملي حلها .
عرائس فكري قد عنست ... لأني عدمت لها أهلها .
ونفسي تنهل من مورد ... ترى الموت في الورد إن علها .
عليها من الدهر أثقاله ... ولا يغلط الدهر يوماً لها .
ومنه قوله : .
سلام من وادي الغضا ما تناوحت ... على ضفتيه شمأل وجنوب .
أحمل أنفاس الخزامي تحية ... إذا آن منها بالعشي هبوب .
لعمري لئن شطت بنا غربة النوى ... وحالت صروف دوننا وخطوب .
فما كل رمل جئته رمل عالج ... وما كل ماء عمت فيه سروب .
رعى الله هذا الدهر كل محاسني ... لديه وإن أكثرتهن ذنوب .
قلت : شعر منسجم عذب . ولما كان بواسط طاب وعظه لجماعة فسألوه أن يجلس لهم الأسبوع مرتين كلما عين لهم يوماً يحتجون بأن القراء يكونون فيه يوماً في ختمة ديوان الخلافة ويوماً ديوان الإمارة ويوماً عند ابن الغزنوي ويوماً عند غيره إلى أن ذكروا الأيام كلها فأطرق ثم قال : لو عرفت هذا كنت أتيتكم معي بيوم من بغداذ وتوفي سنة إحدى وثمانين وخمس مائة ودفن بالشونيزية .
الحافظ شكر .
محمد بن المنذر بن سعيد بن عثمان السلمي الهروي الحافظ أبو عبد الرحمن المعروف بشكر بكاف مشددة بعد الشين المعجمة وفي الطرف راء أكثر الترحال وصنف توفي في أحد الربيعين سنة ثلاث مائة صنف كتاب التاريخ لهراة صغيراً وكتاب الجواهر .
ابن أبي عقيل المراكشي الشافعي .
محمد بن المنذر بن محمد بن أبي عقيل عبد الرحمن بن المنذر المغربي المراكشي أبو منصور الفقيه الشافعي نزيل حلب قدم والده إلى بغداذ واتصل بابن هبيرة قبل وزارته وتوفي بالموصل وولد محمد المذكور ببغداذ وسمع بها الحديث من أبي عبد الله ابن خميس وتفقه على أبي البركات الشيرجي وغيره وقرأ القرآن على أبي القرطبي وصحب أبا النجيب السهروردي وسمع منه الحديث ومن المظفر بن الشبلي وابن المادح وابن البطي وغيرهم وسمع كتاب اللالكائي من سعد الله بن حمدين في دار ابن هبيرة ولقي عبد القادر الجيلي وسافر إلى الشام وقرأ قطعة من تأريخ دمشق على مصنفه علي أبي القاسم ابن عساكر وكان يمتنع من الرواية ويقول : مشايخنا سمعوا وهم صغار لا يفهمون وكذلك مشايخهم وأنا لا أرى الرواية عمن هذه سبيله وعمر وعلت سنة ولم يرو شيئاً وكان فقيهاً فاضلاً غزير العلم عالماً بالأدب قال ابن النجار : اجتمعت به بحلب غير مرة وكان حسن الأخلاق كيساً ممتعاً بإحدى عينيه توفي سنة ثمان وعشرين وست مائة بحلب ودفن خارج باب النصر وله شعر .
القرقساني .
محمد بن منصور بن صدقة القرقساني كان من أهل الخير والصلاح وإنما كان كثير الغلط لأنه كان يحدث من حفظه أسند عن الأوزاعي وغيره وروى عنه الإمام أحمد وغيره قال البخاري : كان ابن معين سيء الرأي فيه جاء إليه فقال : يا أبا الحسن أخرج إلينا كتاباً من كتبك فقال له : عليك بأفلح الصيدلاني كأنه احتقر ابن معين فقام ابن معين مغضباً وهو يقول : لا ارتفعت لك معي راية أبداً توفي سنة ثماني عشرة ومائتين .
أبو بكر القصري المقرئ