زعم العبد طاهر ... أنني اليوم غادر .
كذب العبد وهو عن ... سبل الرشد جائر .
نقض العهد والذي ... ينقض العهد كافر .
مظهر سوء فعله ... معلن لا يساتر .
وعليه تدور بال ... بغي منه الدوائر .
أمير المؤمنين المعتصم .
محمد بن هارون أمير المؤمنين أبو إسحاق المعتصم بن الرشيد بن المهدي ابن المنصور ولد سنة ثمانين ومائة وأمه أم ولد اسمها ماردة روى عن أبيه وعن أخيه المأمون وروى عنه إسحاق الموصلي وحمدون بن إسماعيل وآخرون بويع بعد المأمون بعهد منه إليه في رابع عشر شهر رجب سنة ثماني عشرة ومائتين وكان أبيض أصهب اللحية طويلها ربع القامة مشرب اللون ذا شجاعة وقوة وهمة عالية وكان يقال له المثمن لأنه ثامن خلفاء بني العباس وملك ثماني سنين وثمانية أشهر وفتح ثمانية فتوح وقتل ثمانية أعداء : بابك وباطيش ومازيار والافشين وعجيفاً وقارون وقائد الرافضة ورئيس الزنادقة وخلف من الذهب ثمانية آلاف ألف دينار ومن الدراهم مثلها ومن الخيل ثمانين ألف فرس وثمانية آلاف مملوك وثمانية آلاف جارية وبنى ثمانية قصور وقيل بلغ عدد مماليكه ثمانية عشر ألف مملوك وكان عرياً من العلم وكان معه صبي يتعلم في الكتاب فقال له أبوه : مات يا محمد غلامك فقال : نعم واستراح من الكتاب فقال أبوه : وإن الكتاب ليبلغ منك هذا ! .
دعوه ولا تعلموه وكان يكتب ويقرأ ضعيفاً وغزا عمورية وفتحها وقتل ثلاثين ألفاً وسبي مثلهم وكان من أهيب الخلفاء وامتحن العلماء بخلق القرآن وقال أحمد بن أبي دؤاد : كان المعتصم يخرج يده إلي ويقول : عض ساعدي بأكثر قوتك فأقول : ما تطيب نفسي فيقول : إنه لا يضرني فأروم ذلك فإذا هو لا تعمل فيه الأسنة فضلاً عن الأسنان وقبض يوماً على جندي أخذ ابناً لامرأة فأمره برده فامتنع فقبض عليه فسمعت صوت عظامه ثم أطلقه فسقط كان ذلك في حياة المأمون وجعل زند رجل بين اصبعين فكسره ومات ليلة الخميس لإحدى عشرة ليلة بقيت من ربيع الأول سنة سبع وعشرين ومائتين وصلى ابنه الواثق عليه ولكثرة عسكره وضيق بغداذ عليه بنى سر من رأى وانتقل إليها بعسكره وسميت العسكر وذلك سنة إحدى وعشرين ومائتين وعلق له خمسون ألف مخلاة ولما احتضر قال : ذهبت الحيلة وليس حيلة كررها حتى صمت أولاده هارون الواثق وجعفر المتوكل وأحمد المستعين قيل هو ابن ابنه وقضاته أحمد بن أبي دؤاد ومحمد بن سماعة ووزراؤه الفضل بن مروان ثم محمد بن عبد الملك الزيات وحاجبه وصيف مولاه وهو أول من تسمى بخليفة الله وأول من تزيا بزي الأتراك ولبس التاج ورفض زي العرب وترك سكنى بغداذ وأورد له ابن المرزبان في المعجم : .
قرب النحام واعجل يا غلام ... واطرح السرج عليه واللجام .
أعلم الأتراك إني خائض ... لجة الموت فمن شاء أقام .
وقوله أيضاً : .
لم يزل بابك حتى ... صار للعالم عبره .
ركب الفيل ومن ير ... كب فيلاً فهو شهره .
وقال في غلامه عجيب : .
إني هويت عجيبا ... هوى أراه عجيبا .
طبيب ما بي من الح ... ب لا عدمت الطبيبا .
الوجه منه كبدرٍ ... والقد يحكي القضيبا .
أبو عيسى ابن الرشيد .
محمد بن هارون أبو عيسى بن هارون الرشيد ولي إمرة الكوفة سنة أربع كان موصوفاً بحسن الصورة وكمال الظرف وله أدب وشعر قال ابن حاتم العكلي : لم ير الناس أجمل منه قط إذا أراد أن يركب جلس الناس حتى يروه أكثر مما يجلسون للخلفاء قال له الرشيد وهو صغير : ليت جمالك لعبد الله ! .
يريد المأمون فقال : على أن حظه لي ! .
فأعجبه جوابه على صغره وضمه إليه وقبله وكان يصرع في اليوم مرات حتى مات سنة عشر ومائتين أو ما قبلها ونزل المأمون في قبره ووجد عليه وامتنع من الطعام أياماً وكانت أمه بربرية ويقال اسمه أحمد وإنما اشتهر بكنيته وكانت بينه وبين طاهر ابن الحسين عداوة وكان يهجو طاهراً ويرثي الأمين ومن شعر أبي عيسى : .
لساني كتوم لأسرارهم ... ودمعي نموم بسري مذيع .
فلولا دموعي كتمت الهوى ... ولولا الهوى لم تكن لي دموع .
ومنه أيضاً :