محمد بن وهيب البديهي حضر مجلس بعض الفقهاء في عقد نكاح فقال له الفقيه : لو أملكتك عقد هذا النكاح لشاركتنا في الحسنة فقال له : نعم كيف تريد ذلك نظماً أو نثراً ؟ فاقترحوا نظماً فقال : هات كاتباً فأملى عليه نظماً ذكر الشروط والتاريخ وكل ما له علاقة بالصداق لم يتردد فيه ولا أبطأ كأنه يتلوه من حفظه فبهت القوم وقال له الفقيه : أمرك والله عجيب كاد لولا المشاهدة ألا أصدقه وركب إلى المنصور بن أبي عامر فأخبره بالمجلس وأراه الشعر فعجب من ذلك وأمر له بصلة حملت إليه وكان عدة ما ارتجله ثلاثين بيتاً منها : .
لأصدق عبد الله نجل محمد ... فتى أموي زوجه البكر مريما .
وأمهرها عشرين عجل نصفها ... دنانير يحويها أبوها مسلما .
وأنكحها منه أبوها محمد ... سلالة إبراهيم من حي خثعما .
وباقي صداق البكر باق إلى مدى ... ثلاثة أعوام زماناً متمما .
مؤخرة عنه يؤدي جميعها ... إذا لم يكن عند التطلب معدما .
ومن شرطها أن لا يكون مؤجلا ... لها أبداً عن دارها أين يمما .
وألا يرى حتماً بشيء يضيرها ... يصرف فيه الدهر كفاً ولا فما .
وكان ابن وهيب إذا جلس ابن أبي عامر للشعراء وأذن لهم في الإنشاد بدأ ابن وهيب ينشده بديهة فلا تأتيه نوبته حتى يفرغ كما أراده ويقوم فينشده وإن مداده ما جف .
ابن الأسقف .
محمد بن ياسين شرف الدين أبو عبد الله المصري المعروف بابن الأسقف نقلت من خط شرف الدين مستوفي إربل قال : كان نصرانياً وأسلم وتسمى بمحمد تصرف في الديار المصرية عاملاً في أعمالها الحقيرة لا الخطيرة ولما أسلم قرأ القرآن وعرف شيئاً من العربية وكان يرمى بالأبنة ورد إربل وأقام بها أياماً فقيل إنه اتهم به غلام له وكثر القول عليه فسافر أنشدني لنفسه : .
دعني أقبل راحتيك لأنها ... أعنت رجالاً مسهم إملاق .
لا زالت العليا على أعدائها ... أبداً تشير لنحوها الأرزاق .
قلت : شعر ركيك مختل الانتظام والارتباط .
أبو طاهر الحلبي البزاز المقرئ .
محمد بن ياسين بن محمد البزاز أبو طاهر المقرئ المعروف بالحلبي هو بغداذي قرأ القرآن على أبي حفص عمر بن أحمد بن إبراهيم الكتاني وأبي الفرج محمد بن إبراهيم الشنبوذي وأبي الحسن علي بن محمد بن يوسف العلاف وروى عنهم سماعاً وتلاوة وصنف في القراءات عدة مفردات سمع منه الحسين بن محمد الوني الفرضي وروى عنه عبد السيد بن عتاب وعلي ابن الحسين الطريثيثي وأبو الحسن أحمد بن المحسن بن محمد المقرئون وتوفي سنة ست وعشرين وأربع مائة .
أبو بكر الحداد .
محمد بن ياسر بن عبد الله بن عبد الخالق أبو بكر الحداد من أهل بغداذ سكن جبيل وكان إمام جامعها ونسب إلى دمشق سمع بدمشق هشام بن عمار وعمرو بن عثمان بن سعيد الحمصي وعبد الرحمن بن إبراهيم دحيماً وروى عنه أبو نصر قيس بن بشر السندي الجبيلي وأبو الحسن أحمد بن عامر ابن محمد بن يعقوب الدمشقي وسليمان الطبراني وأبو عبد الله جعفر بن محمد ابن جعفر ابن بنت عدبس الكندي .
الأمير محمد بن ياقوت .
محمد بن ياقوت بن عبد الله أبو بكر الأمير كان والده أحد حجاب المقتدر ولي حجبته بعد أحمد بن نصر القشوري وكان محمد يحجب ابنه الراضي وكانت هذه المنزلة في ذلك الوقت تزيد على الوزارة ويخاطب من يتولاها بالإمارة على رسم بدر المعتضدي وإليه أمور الجند وتدبير الدولة بيده والوزراء كالمنصرفين على أوامره من شعره : .
لا والذي يبقيك لي ... ويسرني بالقرب منك .
ما طاب عيش غبت عن ... ه ولا سرور غاب عنك .
ومنه : .
حمراء يمزجها ظبي بريقته ... كأنما عصرت من ماء وجنته .
حيا بمنطقه النفس التي وقفت ... على المتالف من تفتير مقلته .
ومنه : .
أعرضت عني وقتك نفسي ... كل مخوف من الليالي .
لقول واش وشى بأني ... أقول إن صد لا أبالي .
لا والذي ألتجي إليه ... لكشف ضري وسوء حالي .
ما كان مما حكاه حرف ... ولا جرى خاطراً ببالي