محمد بن يحيى بن أبي بكر ابن محمد بن علي بن إدريس صفي الدين أبو عبد الله الأسواني الهرغي نزيل إخميم كان مشهوراً بالصلاح يعتقد الناس بركته وينقلون عنه مكاشفات وكرامات كتب عنه الشيخ تقي الدين ابن دقيق العيد وأبو بكر ابن عبد الباقي الخطيب وأبو عبد الله ابن النعمان والشيخ قطب الدين ابن القسطلاني والكمال ابن البرهان وكان من أصحاب الشيخ أبي يحيى ابن شافع قال الفاضل كمال الدين جعفر الأدفوي : وكان يدعي أنه يرى النبي A ويجتمع به قال : حكى عنه شيخنا العالم الفقيه تاج الدين محمد بن الدشنائي قال : كنت أسمع به فأشتهي رؤيته فلما اتفق سفري إلى إخميم توجهت إليه فتكلم إلى أن قال : ما يبقى في النار أحد فقلت : ولا اليهود ولا النصارى ؟ فقال : ولا اليهود ولا النصارى قال : قلت له : الله تعالى قال كذا وقال A كذا قال : كنت أعتقد ما تعتقده إلى أن وجدت النبي A أو قال : جاءني النبي A وقال لي كذا فتألمت منه وقمت ورجعت إلى قوص واجتمعت بوالدي فقال لي : وصلت إلى أخميم ؟ فقلت : نعم : فاجتمعت بأبي عبد الله الأسواني ؟ قلت : نعم فقال : ما قال ؟ فحكيت له فتبسم فقال : حضرت أنا والشيخ تقي الدين عنده وجرى مثل ذلك ونازعناه طويلاً فقال : يا أصحابنا ما تبقى في النار إلا هذان الرجلان ! .
قال : وحكى لي صاحبنا الشيخ الفقيه شرف الدين محمد بن الفاسح الإخميمي قال : جرى شيء من ذلك عند شيخنا ابن دقيق العيد فقال : كان في بلدك من يقول هذه المقالة فقلت : من سيدي ؟ فقال : عجيب تعرفني أذكر أحداً ! .
وبلغت مقالته بعض قضاة القضاة فأرسل إلى قاضي إخميم أن يحضره ويعمل معه الشرع وكان الحاكم بها ابن المطوع وكان عاقلاً فيه سياسة فأحضره والعوام تعتقده فقال : يا شيخ أبا عبد الله ما نتوب كلنا إلى الله تعالى ؟ فقال : نعم نقول كلنا اللهم إنا نتوب إليك فقال : ذلك وتركه وكتب إلى قاضي القضاة أنه أحضره وأنه تاب وذكر حاله وقيام العوام معه وما ينقل عنه من خير وقال لنا شيخنا أثير الدين أبو حيان : سمعت الشيخ تقي الدين القشيري يقول : سمعت أبا عبد الله محمد بن يحيى الهرغي يقول : سمعت أبا زيد التكروري يقول : سمعت الشيخ أبا مدين يقول : كفى بالحدوث نقصاً في جميع الخليفة ومن كان معلولاً لم يدرك الحقيقة . وتوفي بإخميم سنة ست وثمانين وست مائة ودفن برباطة بها ومولده سنة اثنتين وست مائة وأبوه أبو زكرياء من المغرب قدم أسوان وأقام بها وتوفي سنة تسع عشرة وست مائة . ومن شعر أبي عبد الله : .
من يوم ألست كان منهم ما كان ... وصلي بهم من قبل أين ومكان .
لا صد ولا هجران أخشاه ولا ... ما يحدثه يا صاحبي صرف زمان .
ومنه : .
يا ليالينا بذي سلم ... ومنى والخيف والعلم .
هل ترى من عودة وعسى ... أقضي حق العهد والذمم .
لا وعيش مر لي بهم ... إنه من أعظم القسم .
لست أسلو حبهم أبداً ... لو أرى في ذاك سفك دمي .
يا عذولي قل عن عذلي ... وغرامي زد ودم سقمي .
وسقى تلك الربوع حياً ... وبله من واسع الكرم .
قال الفاضل كمال الدين جعفر الأدفوي : ووجدت بخط الكمال ابن البرهان : سمعت الشيخ أبا عبد الله يقول : دخلت دمشق فحضرت مجلس واعظ كان معظماً فيها فقال : ليس أحد يخلو من هوى فقال له شخص : ولا رسول الله ؟ فقال : ولا رسول الله فأنكرت عليه فقال : قال A : حبب إلي من دنياكم ثلاث فقلت : هذا عليك لأنه ما قال أحببت ثم فارقته ورأيت قائلاً يقول لي في النوم أو قال : قال رسول الله A : قد ضربنا عنقه فخرج من دمشق فقتل .
ابن الفويرة الحنفي