محمد بن يحيى الشيخ الإمام المفتي بدر الدين ابن الفويرة الحنفي كان قد اشتغل اشتغالاً كثيراً وهو رفيق القاضي فخر الدين المصري في الاشتغال تفنن في العلوم وشارك في الفنون وتوفي C كهلاً سنة خمس وثلاثين وسبع مائة حضرت حلقة أشغاله بالجامع الأموي عند شباك الكاملية بالحائط الشمالي وأوردت عليه في لفظه طهور وأن هذه الصيغة للمبالغة في تكرار الفعل من الفاعل على ما تقدم من سؤالي نظماً في ترجمة أبي الفتح محمد بن عبد اللطيف السبكي فأعجبه ذلك إعجاباً كثيراً وزهزه له ولم تكن إقامة الوزن في طباعه C تعالى فإنه كان ينشد على ماحكاه لي عنه القاضي شهاب الدين أحمد بن فضل الله معاوي إننا بشر فأسجحي بإثبات الياء بعد الحاء .
القاضي بدر الدين ابن فضل الله .
محمد بن يحيى بن فضل الله القاضي بدر الدين صاحب ديوان الإنشاء بالشام يأتي نسبه مستوفى في ترجمة أخيه القاضي شهاب الدين أحمد توجه إلى الديار المصرية صحبة والده وأقام بها وأدخله أخوه القاضي علاء الدين علي إلى دار العدل بعد وفاة أبيه ووقع في الدست ولما توجه أخوه القاضي علاء الدين إلى الكرك صحبة الناصر أحمد وتسلطن الصالح إسماعيل سد الوظيفة إلى أن عاد أخوه ثم إنه جهز إلى الشام على صحابة ديوان الإنشاء فورد إليها في أول شهر رجب الفرد سنة ثلاث وأربعين وسبع مائة وكان ساكناً عاقلاً وادعاً كثير الإطراق والصمت وأحبه الناس وخضع له الأمراء والأكابر وعمر دوراً متلاصقة عند قناة صالح جوا باب توما وأنشأ إلى جانبها حماماً يتصل ببعض ما هو ساكنه فما متع بذلك ولا دخلها غير مرتين أو ثلاث وتوفي بعد مرض حاد سادس عشرين شهر رجب الفرد سنة ست وأربعين وسبع مائة وكانت له جنازة عظيمة وصلى عليه نائب الشام والأمراء والقضاة والعلماء وغيرهم ودفن في تربة والده بجبل الصالحية ومولده سنة عشر وسبع مائة وهو شقيق أخيه القاضي شهاب الدين وخلف نعمة طائلة وأملاكاً كثيرة . وكتبت إلى أخيه القاضي علاء الدين أعزيه على لسان الأمير عز الدين طقطاي الدوادار كتاباً من رأس القلم يوم وفاته والبريد واقف : يقبل الأرض لا ساق إليها الله بعدها وفد عزاء ولا أذاقها فقد أحبة ولا فراق أعزاء ولا أعدمها جملة صبر يفتقر منه إلى أقل الأجزاء وينهى ما قدره الله تعالى من وفاة المخدوم القاضي بدر الدين أخي مولانا جعله الله وارث الأعمار وأسكن من مضى جنات عدن وإن كانت القلوب بعده من الأحزان في النار فإنا لله وإنا إليه راجعون قول من غاب بدره وخلا من الدست صدره وعمر مصابه فهو يتأسى بالناس وعدم جلده فقال للدمع اجرِ فكم في وقوفك اليوم من باس وهذا مصاب لم يكن فيه مولانا بأوحد وعزاء لا ينتهي الناس فيه إلى غاية أو حد .
علينا لك الإسعاد إن كان نافعاً ... بشق قلوب لا بشق جيوب .
فما كان الدست الشريف إلا صدر نزع منه القلب أو نجوم بينما بدرها يشرق إذا به في الغرب وما يقول المملوك إلا إن كان البدر قد غاب فإن النير الأعظم واف وبينكم الكريم سالم الضرب وإنما أدركه بالوهم خفي زحاف وما بقي إلا الأخذ بسنة النبي A في الصبر والاحتساب وتسليم الأمر إلى صاحبه الذي كتب هذا المصرع على الرقاب : .
وفي بقائك ما يسلي من الحزن .
وظل مولانا بحمد الله تعالى باق على بيته وما نقص عدد ترجع جملته إلى مولانا وكلنا ذلك الدارج والله لا يذيقه بعدها فقد قرين قريب ويعوض ذلك الذاهب عما تركه في هذه الدار الفانية من الدار الباقية بأوفر نصيب إن شاء الله تعالى . وقلت أرثيه ولم أكتب بذلك إلى أحد : .
لفقدك بدر الدين ق مسنا الضر ... وأظلم أفق الشام واستوحشت مصر .
وشقق جيب البرق واستعبر الحيا ... ولطم خد الرعد وانصدع الفجر .
وكادت لنوح الورق في غسق الدجى ... تجف على الأغصان أوراقها الخضر .
لك الله من غاد إلى ساحة البلى ... ومن بعده تبقى الأحاديث والذكر .
كأن بني الإنشاء يوم مصابه ... نجوم سماء خر من بينها البدر .
القاضي ابن يخلفتن