فتمله وتصده وتظنه ... أن قد أغار على فريد عقودها .
قلت : لا يقال إلا حاذرت كذا ولا يقال إلا صد عنه إلا أن يكون حمل ذلك على المعنى ويكون أراد حاذرت بمعنى خفت وتصده بمعنى تجفوه وفي هذا ما فيه وقد كتبت إسفار الصباح بخطي ووقفت فيه على مواضع غلط في التمثيل بها منها ما قلد غيره فيه ومنها ما استبد به وبلغني عن قاضي القضاة جلال الدين القزويني C تعالى أنه قال : اجتمعت ببدر الدين ابن النحوية في العادلية بدمشق وسألته عن قول أبي النجم : .
قد أصبحت أم الخيار تدعي ... علي ذنباً كله لم أصنع .
في تقديم حرف السلب وتأخيره فما أجاب بشيء أو كما قال وقد تكلم على هذا البيت كلاماً جيداً في إسفار الصباح والسبب في ذلك أن كل من وضع مصنفاً لا يلزمه أن يستحضر الكلام عليه متى طلب منه لأنه حالة التصنيف يراجع الكتب المدونة في ذلك الفن ويطالع الشروح فيحرر الكلام في ذلك الوقت ثم يشذ عنه .
كاتب سر دمشق .
محمد بن يعقوب هو القاضي ناصر الدين ابن الصاحب شرف الدين وسوف يأتي ذكر والده في حرف الياء إن شاء الله تعالى . سألته عن مولده فقال : تقريباً سنة سبع وسبع مائة بحلب وقال لي : قرأت القرآن لأبي عمرو على الشيخ تاج الدين الرومي وعلى الشيخ إبراهيم الفتح وعلى القاضي فخر الدين ابن خطيب جبرين قال : وقرأت التلقين لأبي البقاء والحاجبية وألفية ابن معطي على الشيخ علم الدين طلحة ثم القاضي فخر الدين ابن خطيب جبرين قال : وحفظت تصريف ابن الحاجب وقرأت عليه قال : وقرأت التنبيه للشيخ أبي إسحاق حفظاً على القاضي فخر الدين المذكور وعلى الشيخ كمال الدين ابن الزملكاني وقرأت المختصر لابن الحاجب حفظاً وبحثاً على الشيخ كمال الدين إلى العام والخاص والقاضي فخر الدين كاملاً وحفظت نصف الحاصل قبل المختصر وبحثت على القاضي فخر الدين ثلاث سور من أول الكشاف وقرأت علوم الحديث للنووي على القاضي شمس الدين ابن النقيب وقرأت على أمين الدين الأبهري نصف التذكرة للنصير الطوسي في الهيئة وقرأت عليه رسائل الاسطرلاب وسمعت بعض البخاري على المزي وسمعت الموطأ على ابن النقيب وسنن أبي داود وأجزاء حديثيةً قال : وسمعت على سنقر مملوك ابن الأستاذ في الرابعة حضوراً وعلى الشيخ عز الدين ابن العجمي وأجاز لي الحجار وحججت مع والدي سنة عشرين وسبع مائة ولم أبلغ الحلم قلت : وأذن له الشيخ كمال الدين بالإفتاء على مذهب الشافعي لما كان قاضياً بحلب وكان قد تولى في حياة والده نظر الخاص المرتجع عن العربان بحلب مدة تقارب ثمانية أشهر ثم نقل بذلك إلى كتابة الإنشاء بحلب ثم لما كان الأمير سيف الدين أرغون بحلب نائباً جعله من موقعي الدست وكان يحبه كثيراً ويقول له يا فقيه ويجلس عنده في الليل وتولى تدريس النورية والشعيبية بحلب في سنة ثمان وعشرين وسبع مائة وتولى تدريس الأسدية سنة أربع وأربعين وسبع مائة ورسم له بكتابة سر حلب عوضاً عن القاضي شهاب الدين ابن القطب سنة تسع وثلاثين وسبع مائة وتولى قضاء العسكر بحلب تلك السنة ولم يزل بحلب إلى أن توفي تاج الدين ابن الزين خضر بدمشق في أيام الأمير سيف الدين يلبغا اليحيوي فسير طلبه من الكامل أن يكون عنده بدمشق كاتب سر فرسم له بذلك فحضر إلى دمشق رابع عشر جمادى الأولى سنة سبع وأربعين وسبع مائة وطلع الناس وتلقوه من عز الدين طقطاي الدوادار والأمير سيف الدين تمر المهمندار والموقعين ولم أر أحداً دخل دخوله من كتاب السر إلى دمشق ورأيته ساكناً محتملاً مدارياً لا يرى مشاققة أحد ولا منازعته كثير الإحسان إلى الفقراء والمساكين يبرهم ويقضي حوائجهم ويكتب كتابةً حسنةً وينظم وينثر سريعاً ويستحضر قواعد الفقه فروعاً وأصولاً وقواعد أصول الدين وقواعد الإعراب والمعاني والبيان والهيئة وقواعد الطبل ويستحضر من كليات الطب جملة ولي دمشق سنة ثمان وأربعين سمع صحيح مسلم على الشيخ محمد السلاوي وسمع سنن أبي داود على الشيخ شمس الدين محمد بن نباتة وعلى بنت الخباز وسمع عليها جملة من الأجزاء ومشيخة ابن عبد الدائم وغير ذلك وكتب إلي ونحن بمرج الغشولة صحبة الأمير سيف الدين يلبغا اليحيوي نائب الشام وقد وقع مطر كثير برعد وبرق : .
كأن البرق حين تراه ليلاً ... ظبي في الجو قد خرطت بعنف