إبراهيم بن سهل الإسرائيلي قال ابن الأبار في تحفة القادم : كان من الأدباء الأذكياء الشعراء مات غريقاً مع ابن خلاص والي سبتة في الغراب الذي غرق بهم في قدومهم إلى إفريقية مع أبي الربيع سليمان بن علي الغريغر قبل سنة ست وأربعين وست مائة انتهى . قلت : وقيل إنه توفي سنة تسع وأربعين وست مائة ولما مات أثكل ابن خلاص به واخترم في نحو الأربعين أو فوقها بقليل كما أخبر وذكر أنه أسلم وقرأ القرآن وأخذ كتب الآداب بالمغرب والأندلس ثم إنه كتب لابن خلاص بسبتة فكان من أمره ما كان . أخبرني العلامة أثير الدين أبو حيان قال : هو ابن سهل الإشبيلي الإسلامي أديب ماهر دون شعره في مجلد وكان يهودياً فأسلم وله قصيدة يمدح بها سيدنا رسول الله A قبل أن يسلم وأكثر شعره في صبي يهودي اسمه موسى كان يهواه وكان يقرأ مع المسلمين . قلت : والقصيدة النبوية عينية ذكرها ابن الأبار في ترجمة المذكور . وما زال ابن سهل هذا يختلط مع المسلمين ويخالطهم إلى أن اسلم توفي شهيداً بالغرق C . أخبرني قاضي الجماعة بالأندلس أبو بكر محمد بن أبي نصر بن علي الأنصاري الإشبيلي C تعالى قال : كان إبراهيم بن سهل يهوى يهودياً اسمه موسى فتركه وهوي شاباً اسمه محمد فقيل له في ذلك فأنشد : .
تركت هوى موسى لحب محمد ... ولولا هدى الرحمن ما كنت أهتدي .
وما عن قلى مني تركت وإنما ... شريعة موسى عطلت بمحمد .
وأخبرنا قاضي القضاة المذكور قال : نظم الهيثم قصيدة يمدح بها المتوكل على الله محمد بن يوسف بن هود ملك الأندلس وكانت أعلامه سوداً لأنه كان بايع الخليفة ببغداذ وقدم عليه من بغداذ بالتولية والولاية والنيابة ولا يعلم أن أحداً قط بايع بالأندلس لعباسي منذ افتتحت وإلى اليوم فوقف إبراهيم بن سهل على قصيدة الهيثم وهو ينشدها لبعض أصحابه وكان إبراهيم إذ ذاك صغيراً فقال إبراهيم للهيثم : زد بين البيت الفلاني والبيت الفلاني .
أعلامه السود إعلامٌ بسؤدده ... كأنهن بخد الملك خيلان .
فقال الهيثم : هذا البيت شيء ترويه أم نظمته ؟ فقال : بل نظمته الساعة فقال الهيثم : إن عاش هذا فسيكون أشعر أهل الأندلس أو كلاماً هذا قريب من معناه انتهى ما أخبرني به الشيخ أثير الدين . قلت : وقد وجدت هذين البيتين الداليين قد ساقهما ابن الأبار في تحفة القادم لأبي زيد عبد الرحمن السالمي من أهل إستجة والذي استقر بين الأدباء أنهما لابن سهل . ومن شعره في موسى : .
أقلد وجدي فليبرهن مفندي ... وما أضيع البرهان عند المقلد .
هبوا نصحكم شمساً فما عين أرمدٍ ... بأكره في مرآه من عين مكمد .
غزال براه الله من مسكة سبى ... بها الحسن منا مسكة المتجلد .
وألطف فيها الصنع حتى أعارها ... بياض الضحى في نعمة الغصن الندي .
وأبقى لذاك المسك في الخد نقطةً ... على أصلها في اللون إيماء مرشد .
تأمل لظى شوقي وموسى يشبها ... تجد خير نارٍ عندها خير موقد .
إذا ما رنا شزراً فعن لحظ أحورٍ ... وإن يلوِ إعراضاً فصفحة أغيد .
وعذب بالي نعم الله باله ... وسهدني لا ذاق بلوى تسهدي .
ومنه أيضاً : .
وخاله نقطةٌ من غنج مقلته ... أتى بها الحسن من آياته الكبر .
جاءت بها العين نحو الخد زائرةً ... فراقها الورد فاستغنت عن الصدر .
والقصيدة العينية قالها يمدح سيدنا رسول الله A : .
وركب دعتهم نحو يثرب نيةٌ ... فما وجدت إلا مطيعاً وسامعا .
يسابق وخد العيس ماء شؤونهم ... فيقفون بالشوق الملي المدامعا .
إذا انعطفوا أو رجعوا الذكر خلتهم ... غصوناً لداناً أو حماماً سواجعا .
تضيء من التقوى خبايا صدورهم ... وقد لبسوا الليل البهيم مدارعا .
تكاد مناجاة النبي محمدٍ ... تنم بهم مسكاً على الشم ذائعا .
تلاقى على ورد اليقين قلوبهم ... خوافق يذكرن القطا والمشارعا