فبابه الشعر وضرورة الشعر لا تكون قاعدة . فإن قلت التي شيء فعلوا ذلك قلت لأنه يعود إلى باب إضافة الشيء إلى نفسه لأنك إذا قلت اثنا يومين أو واحد رجل فاليومان هما الأثنان والواحد هو الرجل وإذا قلت يوم ورجلان فقد دللت على والجنس وليس كذلك في أيام ورجال فيما فوق الثلاثة لأنه ذلك يقع على القليل والكثير فيضاف العدد إليه لتعلم الكمية . وأضافوا العدد من الثلاثة إلى العشرة إلى جموع القلة فقالوا ثلاثة أيام وأربعة أجمال وخمسة أشهر وستة أرغفة ولا يورد ههنا قوله تعالى ثلاثة قروء لأنه ميز أقراء فلما كان مجموع الأقراء من المطلقات كثيراً ميز الثلاثة بجمع الكثرة . ولا ينقض هذا بقوله تعالى الله يتوفى الأنفس فأتى بجمع القلة والنفوس المتوفاة كثيرة إلى الغاية أشعاراً بتهوين هذا الفعل في مقدور الله تعالى وكأن توفى هذه النفوس الكثيرة التي علم كثرتها وتحقق تزاديها في مقدور الله تعالى كأنه توفى أنفس قليلة دون العشرة ولا يضاف عدد أقل من ستة إلى مميزين ذكر وأنثى لأن كل واحد من المميزين جمع وأقل الجمع ثلاثة وقالوا في العدد المركب من بعد الشعرة إلى العشرين وهو أحد عشر وباب إحدى عشرة ليلة واثنتا عشرة ساعة وثلاث عشرة ليلة وما بعده إلى العشرين بإثبات التأنيث في الجزءين من إحدى عشرة واثنتا عشرة وحذف التأنيث من الجزء الأول في الباقي للمؤنث وأحد عشر يوماً واثنا عشرة يوماً وثلاثة عشر يوماً وما بعده إلى العشرين بخلو الجزئين الأولين من التأنيث وإثباته في الجزء الأول ما بعده في المذكر والحجازيون يسكنون الشين في عشرة وبنو تميم يكسرونها وميزوا ما بعد العشرة إلى العشرين وما بعدها من العقود إلى التسعين بمنصوب فقالوا أحد عشر كوكباً وأربعين ليلة . فإن قلت هلا اجروا هذا المميز مجرى ما قبل ذلك من الواحد إلى العشرة قلت أما في أحد عشر وبابه فإن حق الجزء الأخير التنوين وإنما حذف تنوينه لبنائه الناس كونه مركباً فكأن التنوين موجود في اللفظ لأنه لم يقم مقامه شيء يبطل حكمه فكان باقياً في الحكم فمنع مميزه من الإضافة لأنها لا تجتمع مع التنوين وأما في عشرين وبابه لأن النون قائمة مقام التنوين التي في المفرد ولهذا تسقط مع الإضافة كالتنوين فامتنع المميز أيضاً من الإضافة فانتصب . وأتوا بواو العطف بعد العشرين ومنعوها بعد العشرة إلى العشرين فقالوا أحد وعشرون وأحد عشرة . فإن قلت ما العلة في ذلك قلت حذفوها ما بعد العشرة حملاً على العشرة وما قبلها من الآحاد لقربها منها على لفظ الأعداد المفردة فلما بعدت بعد العشرين عنها أتوا بالواو . فإن قلت فهلا اشتقوا في العشرات من لفظ الاثنين كما اشتقوا من الثلاثة ثلثين وهلم جرا إلى التسعين قلت لأن اثنين أعرب بالألف في حالة الرفع وعشرون جرت مجرى الجمع السالم فأعربت بالواو حالة الرفع فلو أنهم فعلوا ذلك احتاج المشتق في العشرات من الاثنين أن يكون له إعرابان فثنوا عشرة فقالوا عشرون . فإن قلت كان يلزم على هذا أن يقولوا عشرون بفتح العين والشين والراء لأنها تثنية عشر قلت لأن الأصل ههنا كما أوردت أن يشتق من لفظ اثنين وكان أول الاثنين مكسوراً فكسروا أول العشرين وسكنوا الشين طلباً للخفة وكسروا الراء لمناسبة ما جمع بالواو والنون ألا تراهم ضموها في حالة الرفع وأيضا فان العشرة تؤنث وجمعها لا يؤنث فكسروا أولها في الجمع لان الكسر من جنس الياء . وقالوا مائة يوم ومئتا يوم فجعلوا الممّيز من المائة الى الألف وما بعده مضافاً ولم يجزوه مجرى ما بعده العشرة إلى التسعين . فان قلت ما العلّة في ذلك قلت لأن المائة حملت على العشرة لكونها عقداً مثلها وحملت على التسعين لأنها تليها فألزم مميزها الإضافة تشبيهاً بالعشرة وميزت بالواحد دون الجمع تشبيهاً بالتسعين . وقالوا ثلث مائة وأربع مائة وبابه فميزوه بالمفرد ولم يميزوا بالجمع فقالوا ثلث مئتين . فإن قلت ما العلة في ذلك قفلت اكتفاء بلفظ الواحد عن الجمع قال الله تعالى . ثم يخرجكم طفلاً أي أطفالاً وقال الشاعر : .
كلوا في بعض بطنكم تعفوا ... فإن زمانكم زمن خميص