أحمد بن إسماعيل بن يوسف بن محمد بن العباس أبو الخير القزويني الإمام العالم الزاهد رئيس أصحاب الِشافعي كان إماماً في المذهب والخلاف والنظر والأصول والحديث والتفسير والوعظ والزهد رحل من بلدة قزوين إلى نيسابور فأقام بها عند الفقيه محمد بن يحيى وقرأ عليه ولازمه حتى برع وصار أحد معيدي دروسه وقدم بغداذ فحج وعاد إلى بلده ثم قدمها ثانياً سنة خمس وخمسين وخمس مائة وعقد بها مجلس التذكير ونفقوا كلامه وأقبلوا عليه لحسن سمته وكثرة محفوظه وجودة إيراده ثم عاد إلى بدله وعاد إلى بغداذ عبد الستين وخمس مائة وولي التدريس بالنظامية وحدث بالكتب الكبار صحيح مسلم ومسند إسحاق بن راهويه وتاريخ نيسابور للحاكم وسنن البيهقي الكبير ودلائل النبوة البعث والنشور للبيهقي وأملى بجامع القصر . قال : لما كنت بنيسابور عند محمد بن يحيى وأنا صبي كان من عادته أنه في كل أسبوع يأخذ على الفقهاء ما حفظوه وكنت غير جيد الحفظ فطالبني مرة عبد مرة وأنا لا أقدر على حفظه فأمرني بالانتقال من عنده والاشتغال على يغره كعادته فنقلت قماشي عند بعض الفقهاء إلى أن أسكن في مكان فاشتغلت ذلك النهار وأدركني المساء فأخفيت نفسي في أتون طباخ ونمت فرأيت النبي A وهو واقف علي فقال لي : يا أحمد لم لا تذهب إلى المدرسة وتشغل ؟ فقلت : يا رسول الله إنه لا يأتي مني شيء وقد اجتهدت فلم افلح فقال لي : بلى قم واذهب إلى المدرسة قال فأعدت عليه الكلام ثانياً فقال لي : افتح فاك قال ففتحته فتفل فيه ثم قال لي : اذهب فقال : يا رسول الله إني أخاف من الشيخ ومن قصور فهمي وقلة حفظي ومعرفتي فقال لي : افتح فاك ففتحته مرة ثانية فتفل فيه مرة ثانية ثم انتبهت وقت السحر وأتيت المدرسة ووقفت أكرر على المدرس فإذا هو محفوظ لي وخرج الشيخ فرآني فقال لي : هل حفظت شيئاً ؟ قلت : نعم وأعدت عليه الدروس كلها حفظاً جيداً من غير تتعتع ولا توقف فقال لي : أحسنت بارك الله فيك مثلك من يصلح لصحبتنا وأقمت عنده مستقيم الفهم سريع الإدراك كثير الحفظ وكان من عادة الشيخ أن يصلي الجمعة عند الإمام عبد الرحمن الأكاف الزاهد ويكون الفقهاء في خدمته . وتجارى الفقهاء في مسألة خلاف فتكلم الشيخ عبد الرحمن وسكت الجماعة إعظاماً وأنا لصغر سني وحدة ذهني أعترض عليه وأنازعه والفقهاء يشيرون إلي بالإمساك وأنا لا ألتفت إليهم فقال لهم الشيخ عبد الرحمن : دعوه فإن هذا الكلام الذي يقول ليس منه إنما هو من الذي علمه قال : ولم تعلم الجماعة ما أراد وفهمت وعلمت أنه مكاشف . ولما ولي تدريس النظامية كان في الحمام فمضى إلى دار الوزارة فخلع عليه ورتب مدرساً فلما استقر على كرسي التدريس وقرئت الربعة ودعي دعاء الختمة فقبل ما شرع في إلقاء الدرس التفت إلى الجماعة وقال لهم : من أي كتب التفسير تحبون أن أذكر ؟ فعينوا كتاباً وفعل مثل ذلك في المذهب والخلاف فلم يذكر لهم إلا ما اختاروه وعينوه فقال : من أي سورة تريدون أن أذكر ؟ فأشاروا إليه فذكر من تلك السورة ومن ذلك التفسير فأعجب الحاضرون منه وعلموا كثرة اطلاعه وساق له محب الدين ابن النجار في الذيل عجائب من هذا النوع . ثم إنه ترك بغداذ وعاد إلى قزوين فقال له بعض أصحابه منكراً توجهه من بغداذ مع الوجاهة التي له فيها فقال : معاذ الله أن أسكن في بلد يسب فيه أصحاب رسول الله A وكان ذلك في أيام ابن الصاحب وتوفي سنة تسع وثمانين وخمس مائة .
نجيب الدين الإسكندري .
أحمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن فارس بن عبد العزيز نجيب الدين أبو العباس التميمي السعدي الأهتمي الصفراني الخالدي الإسكندراني المالكي سمع وحدث وتنقلت به الأحوال في الخدم الديوانية بمصر ودمشق والجزيرة وولي نظر الديوان بدمشق وتوفي سنة ثمان وثلاثين وست مائة وزر للملك العادل وحظي عنده وكان قيماً بمذهب مالك ومعرفة النحو .
ابن التبلي المحدث .
أحمد بن إسماعيل بن منصور نجم الدين الحلبي المعروف بابن التبلي وابن الحلال ولد بحلب سنة إحدى وثلاثين وسمع من ابن رواحة وابن خليل قرأ عليه علم الدين البرزالي جزء ابن حرب رواية العباداني وأجاز للشيخ شمس الدين مروياته توفي سنة ثمان وتسعين وست مائة .
الصفار