وقال الشيخ يحيى الخباز فيما عبد إنهما له . وأنشدني العلامة أثير الدين أبو حيان من لفظه قال : أنشدنا العلامة علاء الدين علي بن عبد الملك بن عبد الله بن عبد الرحمن الحلبي قال : أنشدنا أبو جلنك لنفسه : .
أتى العذار بماذا أنت تعتذر ... وأنت كالوجد لا تبقي ولا تذر .
لا عذر يقبل إن نم العذار لوا ... ينجيك من خوفه بأس ولا حذر .
كأنني بوحوش الشعر قد أنست ... بوجنتيك وبالعشاق قد نفروا .
وكلما مر بي مرد أقول لهم ... قفوا نظروا وجهه هذا الحر واعتبروا .
وأنشدني بالسند المذكور وكان قد مدح قاضي القضاة شمس الدين أحمد بن خلكان فوقع له برطلي خبز وكتب ذلك على بستانه : .
لله بستان حللنا دوحه ... في جنة قد فتحت أبوابها .
والبان تحسبه سنانيراً رأت ... قاضي القضاة فنفشت أذنابها .
قلت : بلغني أن الشيخ بدر الدين ابن مالك وضع على هذين البيتين كراسة في البديع . وأنشدني بالسند المذكور له أيضاً : .
لا تحسبن خضابها النامي على ال ... قدمين بالمتكلف المصنوع .
لكنها بالهجر خاضت في دمي ... فتسربلت أقدامها بنجيعي .
وأنشدت له : .
جعلتك المقصد الأقصى وموطنك ال ... بيت المقدس من روحي وجثماني .
وقلبك الصخرة الصماء حين قست ... قامت قيامة أشواقي وأشجاني .
أما إذا كنت ترضى أن تقاطعني ... وأن يزورك ذو زور وبهتان .
فلا يغرنك نار في حشاي فمن ... وادي جهنم تجري عين سلوان .
قلت : ألطف من هذا قول القائل : .
أيا قدس حسن قلبه الصخرة التي ... قست فهي لا ترثي لصب متيم .
ويا سؤلي الأقصى عسى باب رحمة ... ففي كبد المشتاق وادي جهنم .
وأنشدت لأبي جلنك أيضاً : .
وشادن يصفع مغرى به ... براحة أندى من الوابل .
فصحت في الناس : ألا فاعجبوا ... بحر غدا يلطم في الساحل .
وأنشدني أثير الدين قال أنشدني علاء الدين علي بن سيف الدين سكن قراءة عليه قال : أنشدنا أبو جلنك لنفسه : .
ماذا على الغصن الميال لو عطفا ... ومال عن طرق الهجران وانحرفا .
وعاد لي عائد منه إلى صلةٍ ... حسبي من الشوق ما لاقيته وكفى .
صفا له القلب حتى لا يمازجه ... شيء سواه وأما قلبه فصفا .
وزارني طيفه وهناً ليؤنسني ... فاستصحب النوم من عيني وانصرفا .
ورمت من خصره برءاً فزدت ضنى ... وطالب البرء والمطلوب قد ضعفا .
حكى الدجى شعره طولاً فحاكمه ... فضاع بينهما عمري وما انتصفا .
ابن برق والي دمشق .
أحمد بن أبي بكر بن أحمد بن برق الأمير شهاب الدين متولي مدينة دمشق كان أولاً والي صيداء فأحسن السيرة بها والسمعة فنقله الأمير سيف الدين تنكز C إلى ولاية مدينة دمشق فأقام فيها مدة مديدة وكان إنساناً حسناً يحب الفضلاء ويؤثرهم وعلى ذهنه حكايات ووقائع وشعر وغيره وساس الناس بها سياسةً حسنة ولم يبد منه ما أنكره الناس عليه إلا واقعة ابنة لاجين لما كبست فإن الأمير سيف الدين تنكز خنقها وحبس من كان معها مدداً زمانية بعد ما ركبوا على اللعب للصلب وكان ذلك من قوة أنفاس الممسوكين فإنهم تجهزوا عليه فاحتاج إلى إعلام النائب بذلك فكان ما كان وكان أمير عشرة وتوفي C سنة ست وثلاثين وسبع مائة وكان الأمير سيف الدين تنكز C قد جعله حكم البندق عوضاً عن الأمير صارم الدين صاروجا فكتبت له بذلك توقيعاً ونسخته :