الحمد لله لم يزل حمده واجباً ورفده لكل خير واهبا وشكره للنعم جالبا وللنقم حاجبا وذكره للبؤس سالباً وللنعيم كاسبا نحمده على نعمه التي نصرع بالحمد أصناف أطيارها ونقص بالشكر أجنحتها فلا قدرة لها على مطارها ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة لا يكون لنا بها عن الفوز بالجنة عذر ولا نجد بها نفوسنا يوم البعث إلا في حواصل طيور خضر ونشهد أن محمداً عبده ورسوله أفضل من قدم ذوي الرتب وأشرف من حكم بالعدل العاري عن الشبهة والريب صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه الذين كانوا في الحروب عقبانها الكواسر وفرسانها الذين أشبعوا من لحوم العدى ذوات المخالب والمناسر ما أحمد الرامي في المرام عزمه وسعت له في الرتب قدم قدمه وسلم تسليماً كثيراً .
وبعد فلما كان الرمي بالبندق فناً تعاطاه الخلفاء والملك وسلك الأمراء والعظماء منه طريقة لطيفة المأخذ ظريفة السلوك يرتاضون به عند الملل لاسترواح نفوسهم ويجنون ثمرات المنى في التنزه من عروس غروسهم ويبرزون إلى ما يروق الطرف ويروع الطير من بزاتهم وينالونه ببنادق الطين من الطير ما لا يناله سواهم بجوارح صقورهم ولا بزاتهم قد نبذوا في تحصيل المراتب العلية شواغل العلق وتدرعوا شار الصدق بينهم وهم أصحاب الملق ومنعوا جفونهم من ورود حياض النوم إلا تحله وظهروا بوجوه هي البدور وقسي هي الأهله وتنقلوا في صيد النسور تنقل الرخ وصادوا الطيور في الجو لما نثروا حبات الطين من كل قوس هي كالفخ وصرخوا على الأوتار فكانت ندامى الأطيار على سلاف المياه من جملة صرعاها واقتطفوا زهرات كل روضة أخرجت ماءها ومرعاها احتاجت هذه الطريق إلى ضوابط تراعي في شروطها وتسحب على الجادة أذيال مروطها ليقف كل رام عند طور طيره ويسبر بتقدمه غور غيره ليؤمن من التنازع في المراتب ويسلم أهل هذه الطريقة من العائب والعاتب .
وكان المجلس السامي الأميري الشهابي أحمد بن برق هو الذي جر فيها على المجرة مطرفه وأصبح ابن بجدتها علماً ومعرفه تطرب الأسماع من نغمات أوتاره وتنشق مرائر الطير من لون غباره وتود المجرة لو كانت له طريقاً والشمس جواده والسماء ملقه وتتمنى قوس السماء الملونة لو كانت قوسه والنسر طائره والنجوم بندقه كم جعل حلل الروض المرقومة بما صرعه مطايره وكم خرج في زمر والطير فوقهم صافات فصاد بدر تم حين بادره وكم ضرج في معرك الجو من قتيل ريشه كالزرد الموضون وكم أرسل البندق فكان سهماً ماضياً لأنه من حمإ مسنون .
فلذلك رسم بالأمر العالي لا زال طائره ميموناً ودر أمره في أدراج الامتثال مكنوناً أن يفوض إليه الحكم بين رماة البندق بالشام المحروس على عادة من تقدمه في ذلك من القاعدة المستمرة بين الرماة فليتول ذلك ولاية يعتمد الحق في طريقها الواجب ويظهر من سياسته التي شخصت لها العيون فكأنما عقدت أعلاي كل جفن بحاجب وليرع حق هذه الطريق في حفظ موثقه وليجر على السنن المألوف بين هذه الطائفة " وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه " بحيث أنه ينزل كل مستحق في منزلته التي لا يعدوها ويقبل من الرامي دعوى صيده ويرد ما لا يعتد بها الرماة ولا يعدوها متثبتاً فيما يحمل إليه الحكم ولا يرخ على عيبه ذيلاً محرراً أمر المصروع الذي أصبح راميه من كلفه به مجنون ليلى جرياً في ذلك على العادة المألوفه والقاعدة التي هي بالمنهج الواضح موصوفه وليتلق هذه النعمة بشكر يستحق به زيادة كل خير ويتل آيات الحمد لهذا الأمر السليماني الذي حكمه حتى في الطير والله يتولى تدبيره ويصلح ظاهر حكمه والسريره والاعتماد على الخط الكريم أعلاه والله الموفق بمنة بركته إن شاء الله تعالى .
الشعار الظاهري .
أحمد بن بندار بن إسحاق أبو عبد الله الأصبهاني الشعار الفقيه كان ثقة ظاهري المذهب توفي في ذي القعدة سنة تسع وخميسين وثلاث مائة .
ابن بندار .
أحمد بن بندار بن إبراهيم بن بندار سمع أبا طاهر محمد بن العلاف المقرئ وأبا علي الحسن النعالي وغيرهما وروى عنه عمر بن ظفر المغازلي والحافظ ابن ناصر وأبو الكرم المبارك الشهرزوري وأبو المعمر الأنصاري وشهدة الكاتبة توفي سنة سبع وتسعين وأربع مائة ودفن في مقبرة باب أبرز .
البقال