أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام بن عبد الله بن أبي القاسم الحراني ابن تيمية الشيخ الإمام العالم العلامة المفسر الفقيه المجتهد الحافظ المحدث شيخ الإسلام نادرة العصر ذو التصانيف والذكاء والحافظة المفرطة تقي الدين أبو العباس ابن العالم المفتي شهاب الدين ابن الإمام شيخ الإسلام مجد الدين أبي البركات مؤلف " الأحكام " وتيميمة لقب جده الأعلى ولد بحران عاشر ربيع الأول سنة إحدى وستين وتحول به أبوه إلى دمشق سنة سبع وستين وتوفي سنة ثمان وعشرين وسبع مائة وسمع من ابن عبد الدائم وابن أبي اليسر والكمال ابن عبد وابن أبي الخير وابن الصيرفي والشيخ شمس الدين والقاسم الإربلي وابن علان وخلق كثير وبالغ وأكثر وقرأ بنفسه على جماعة وانتخب ونسخ عدة أجزاء و " سنن أبي داود " ونظر في الرجال والعلل وصار من أئمة النقد ومن علماء الأثر مع التديّن والتأله والذكر والصيانة والنزاهة عن حطام هذه الدار والكرم الزائد ثم إنه أقبل على الفقه ودقائقه وغاص على مباحثه ونظر في أدلته وقواعده وحججه والاجماع والاختلاف حتى كان يقضى منه العجب إذا ذكر مسألة من الخلاف واستدل ورجَّح واجتهد . حكي لي أنه قال يوماً للشيخ صدر الدين ابن الوكيل : يا صدر الدين أنا أنقل في مذهب الشافعي أكثر منك أو كما قال . وقال الشيخ شمس الدين : ما رأيت أحداً أسرع انتزاعاً للآيات الدالة على المسألة التي يوردها منه ولا أشد استحضاراً لمتون الأحاديث وعزوها إلى الصحيح أو المسند أو السنن كأنَّ ذلك نصب عينه وعلى طرف لسانه بعبارة رشقة حلوة وإفحام للمخالف وكان آية من آيات الله تعالى في التفسير والتوسع فيه لعله يبقى في تفسير الآية المجلس والمجلسين قلت : حكى لي من سمعه يقول : إني وقفت على مائة وعشرين تفسيراً أستحضر من الجميع الصحيح الذي فيها أو كما قال . قال الشيخ شمس الدين : وأما أصول الدين ومعرفة أقوال الخوارج والروافض والمعتزلة والمبتدعة فكان لا يشقّ فيها غباره هذا مع ما كان عليه من الكرم الذي لم أشاهد مثله قط والشجاعة المفرطة والفراغ عن ملاذّ النفس : من اللباس الجميل والمأكل الطيب والراحة الدنيوية . قلت : حكي لي عنه أن والدته طبخت يوماً قرعية ولم تذقها أولاً فكانت مرّة فلما ذاقتها تركتها على حالها فطلع إليها وقال : هل عندك ما آكل ؟ قالت : لا إلا أنني طبخت قرعاً كان مرّاً فقال : أين هو ؟ فأرته المكان الذي فيه تلك القرعية فأحضرها وقعد أكلها إلى أن شبع وما أنكر شيئاً منها أو كما قيل . وحكي لي عنه أنه كان قد شكا إليه إنسان أو جماعة من قطلوبك الكبير وكان المذكور فيه جبروت على أخذ أموال الناس واغتصابها وحكاياته في ذلك مشهورة فقام يمشي إليه فلما دخل إليه وتكلم معه في ذلك قال له قطلوبك : أنا الذي أريد أجيء إليك لأنك رجل عالم زاهد يعرّض بقولهم : إذا كان الأمير بباب الفقير فنعم الأمير ونعم الفقير . فقال له : قطلوبك لا تعمل عليَّ دركواناتك موسى كان خيراً مني وفرعون كان شراً منك وكان موسى كلَّ يوم يجيء إلى باب فرعون مراتٍ في كلّ يوم ويعرض عليه الإيمان أو كما قيل . وحكى لي عنه الشيخ شمس الدين ابن قيم الجوزية قال : كان صغيراً عند بني المنجا فبحث معهم فادّعوا شيئاً أنكره فأحضروا النقل فلما وقف عليه ألقى المجلد من يده غيظاً فقالوا له : ما أنت إلا جريء ترمي المجلد من يدك وهو كتاب علم فقال سريعاً : أيما خير أنا أو موسى ؟ فقالوا موسى فقال : أيما خير هذا الكتاب أو ألواح الجوهر التي كان فيها العشر كلمات ؟ قالوا : الألواح فقال : إن موسى لما غضب ألقى الألواح من يده أو كما قال . وحكى لي عنه أيضاً قال : سأله فلان أنسيته فقال : أنت تزعم أن أفعالك كلها من السنَّة فهذا الذي تفعله بالناس من عرك آذانهم من أين جاء هذا في السنة ؟ فقال : حديث ابن عباس في الصحيحين قال : صليت خلف رسول الله A ليلاً فكنت إذا أغفيت أخذ بأذني أو كما قال