ابن أبي كبر بن جعوان بن عبد الله الحافظ شمس الدين أبو عبد الله الأنصاري الدمشقي الشافعي النحوي أحد الأئمة أخذ النحو عن جمال الدين محمد بن مالك وكان من كبار أصحابه ثم أقبل على الحديث وعني به أتم عناية وسمع من ابن عبد الدائم وابن النشبي وابن أبي الخير وغيرهم وارتحل إلى مصر وسمع من عامر القعلي والعز الحراني وطائفة وكتب كثيراً بخطه وخرج المشايخ وقرأ المسند على ابن علان قراءة لم يسمع الناس مثلها في الفصاحة والصحة وحضره جماعة من الأئمة فما أمكنهم أن يأخذو عليه لحنة واحدة ومات في عنفوان الشبيبة سنة اثنتين وثمانين وست مائة وهو أخو الفقيه الزاهد شهاب الدين كتب ابن دعوان إلى أهله من تبوك .
كتبت كتابي من تبوك لتسعة ... مضت بعد عشر في المحرم ولت .
وإني بحمد الله أرجو لقاءكم ... إذا صفر عشرون منه بقت .
القاضي بهاء الدين ابن خلكان .
محمد بن محمد بن ابراهيم ابن أبي بكر بن خلكان القاضي بهاء الدين أبو عبد الله الأربلي الشافعي قاضي بعلبك أخو قاضي القضاة شمس الدين ابن خلكان ولد بأربل سنة ثلاث وست مائة وسمع صحيح البخاري من أبي جعفر ابن مكرم كأخيه وحدث وسمع منه ابن أبي الفتح والشيخ علم الدين البزالي والجماعة وهو والد النجم صاحب الفيض والخيال الهذياني وكان معدوم النظير في كثير من أوصافه من التواضع المفرط ولين الكلمة ورقة القلب وسلامة الصدر توفي ببعلبك قاضياً بها في سنة ثلاث وثمانين وست مائة ولم ينله من جميع ما كان باسمه من الجراية والجامكية إلا قوته لا غير ولا يسأل عما عدا ذلك ومات فما خلف ديناراً ولا درهماً وعليه جملة من الدين فأبيعت كتبه لوفائها وتوفي أخوه القاضي شمس الدين أحمد بن خلكان قبله سنة إحدى فلم ترقأ له بعده دعة ودفن في تربة الزاهد عبد الله اليونيني .
الشيخ بدر الدين ابن مالك .
محمد بن محمد بن عبد الله ابن عبد الله بن مالك الإمام البليغ النحوي بدر الدين ابن الإمام العلامة جمال الدين الطائي الجياني ثم الدمشقي كان إماماً ذكياً فهماً حاد الخاطر إماماً في النحو إماماً في المعاني والبيان والبديع والعروض والمنطق جيد المشاركة في الفقه والأصول أخذ عن والده وجرى بينه وبين والده صورة سكن لأجلها بعلبك فقرأ عليه بها جماعة منهم بدر الدين ابن زيد فلما مات والده طلب إلى دمشق وولي وظيفة والده وسكنها وتصدى للأشغال والتصنيف وكان اللعب يغلب عليه والعشرة حكى لي الشيخ الإمام العلامة شهاب الدين محمود الكاتب C تعالى حكاية جرت له مع الأمير علم الدين سنجر الدواداري وهي غريبة ما أوثر ذكرها وحكى لي غيره عنه ما يوافقها من اللعب وكان إماماً في مواد النظم من العروض والنحو والمعاني والبيان والبديع ولم يقدر على نظم بيت واحد ولقد حضرت إليه رقعة من صاحبه فيها نظم أراد أن يجيبه عنها بنظم فجلس في بيته من بكرة إلى صلاة العصر ولم يقدر على بيت واحد حتى استعان بجار له في المدرسة على الجواب بعد ما حكى ذلك لجاره وقيل لي أنه أملى على قول أبي جلنك .
والبان تحسبه سنانيراً رأت ... قاضي القضاة فنفشت أذنابها