ثم قال الإمام فخر الدين : وقد هذا هذا في شعره وأما ياقوت فقال : وكان مهتماً في دينه يرى رأي البراهمة لا يرى إفساد الصورة ولا يأكل لحماً ولا يؤمن بالرسل ولا البعث والنشور . قال القاضي أبو يوسف عبد السلام القزويني : قال لي المعري لم أهج أحد قط فقلت له : صدقت إلا الأنبياء عليهم السلام فتغير لونه أو قال وجهه . ودخل عليه القاضي المنازي فذكر له ما يسمعه عن الناس من الطعن عليه ثم قال : ما لي وللناس وقد تركت دنياهم فقال له القاضي : وأخراهم فقال : يا قاضي وأخراهم وجعل يكررها . قال ابن الجوزي : وحدثنا عن أبي زكريا أنه قال : قال لي المعري : ما الذي تعتقد ؟ فقلت في نفسي اليوم يبين لي اعتقاده فقلت له : ما أنا إلا شاك فقال : وهكذا شيخك . وأما الشيخ شمس الدين فحكم بزندقته في ترجمته له وطوّلها وذكر له فيها قبائح وأظن الحافظ السلفي قال إنه تاب وأناب . وأما الباخرزي فقال في حقه : ضرير ما له في أنواع الأدب ضريب ومكفوف في قميص الفضل ملفوف ومحجوب خصمه الألد محجوج قد طال في ظلال الإسلام آناؤه ولكن ربما رشح بالإلحاد إناؤه وعندما خبر بصره والله العالم ببصيرته والمطلع على سريرته وإنما تحدثت الألسن بإساءته لكتابه الذي زعموا أنه عارض به القرآن وعنونه ب " الفصول والغايات " محاذاة للسور والآيات وأظهر من نفسه تلك الخيانة وجذ تلك الهوسات كما يجذّ العير الصليانة حتى قال فيه القاضي أبو جعفر محمد بن إسحاق البحاثي الزوزني قصيدة أولها : .
كلبٌ عوى بمعرة النعمان ... لما خلا عن ربقة الإيمان .
أمعرة النعمان ما أنجبت إذ ... أخرجت منك معرة العميان .
وأما ابن العديم فقال في المصنف المذكور الذي له في أمر المعري : قرأت بخط أبي اليسر شاكر بن عبد الله بن سليمان المعري أن المستنصر صاحب مصر بذل لأبي العلاء المعري ما ببيت المال بالمعرة من الحلال فلم يقبل منه شيئاً وقال : .
لا أطلب الأرزاق وال ... مولى يفيض عليّ رزقي .
إن أعط بعض القوت أع ... لم أن ذلك فوق حقي .
وقال أيضاً : .
كأنما غانة لي من غنى ... فعدّ عن معدن أسوان .
سرت برغمي عن زمان الصبا ... يعجلني وقتي وأكواني .
صدّ أبي الطيب لما غدا ... منصرفاً عن شعب بوّان .
قال : وقرأت بخط أبي اليسر المعري في ذكره : وكان Bه يرمى من أهل الحسد له بالتعطيل ويعمل تلامذته وغيرهم على لسانه الأشعار يضمنونها أقاويل الملحدة قصداً لهلاكه وإيثاراً لإتلاف نفسه فقال Bه : .
حاول إهواني قومٌ فما ... واجهتهم إلا بإهوان .
يحرّشوني بسعاياتهم ... فغيّروا نية إخواني .
لو استطاعوا لوشوا بي إلى ال ... مريخ في الشهب وكيوان .
وقال أيضاً : .
غربت بذمي أمّةٌ ... وبحمد خالقها غريت .
وعبدت ربي ما استطع ... ت ومن بريّته بريت .
وفرتني الجهال حا ... شدةً عليّ وما فريت .
سعروا علي فلم أحسّ ... وعندهم أني هويت .
وجميع ما فاهوا به ... كذبٌ لعمرك حنبريت .
انتهى .
قلت : الموضوع على لسانه فلعله لا يخفى على من له لب وأما الأشياء التي دوّنها وقالها في " لزوم ما لا يلزم " وفي " استغفر واستغفري " فما فيه حيلة وهو كثير فيه ما فيه من القول بالتعطيل والاستخفاف بالنبوات ويحتمل أنه ارعوى وتاب بعد ذلك كله . وحكي لي عن الشيخ كمال الدين ابن الزملكاني C أنه قال في حقه : هو جوهرة جاءت إلى الوجود وذهبت . وسألت الشيخ فتح الدين ابن سيد الناس فقلت له : ما كان رأي الشيخ تقي الدين ابن دقيق العيد في أبي العلاء ؟ فقال : كان يقول هو في حيرة قلت : وهذا أحسن ما يقال في أمره لأنه قال في داليّته التي في " سقط الزند " : .
خلق الناس للبقاء فصلت ... أمةٌ يحسبونهم للنّفاد .
إنما ينقلون من دار أعما ... لٍ إلى دار شقوةٍ أو رشاد .
ثم قال في " لزوم ما لا يلزم " : .
ضحكنا وكان الضحك منا سفاهةً ... وحقّ لسكان البسيطة أن يبكوا