أحمد بن عبد الله بن الزبير الخابوري الإمام المقرئ المجود شمس الدين خطيب حلب ومقرئها كان إماماً ماهراً محرراً للقراءات ووجوهها وعللها مليح الشكل قوي الكتابة صاحب نوادر وخلاعة وظرف وله في ذلك حكايات . قرأ القراءات على السخاوي وغيره وسمع بحران من الخطيب فخر الدين ابن تيمية وبحلب من أبي محمد بن الأستاذ ويحيى ابن الدامغاني وابن روزبه وببغداذ من عبد السلام الداهري وبدمشق من ابن صادق وابن صباح ومولده بالخابور سنة ست مائة وأسند عنه القراءات والشاطبية الشيخ يحيى المنيجي ورواها عنه سنة أربع وستين وذلك قبل موته بدهر سمع منه المزي وابن الظاهري وولده أبو عمرو والبرزالي وابن شامة وغيرهم توفي بحلب ستة تسعين وست مائة وصلي عليه بدمشق .
ومن نوادره أنه كان صاحب قطان يجلس على دكانه فاتفق أن جاءه إلى الدكان وما وجده فقعد ينتظره وكان أيام حلج القطن لما يدور الفلاحون يحلجون القطن بالأجرة فجاء إليه بعض الفلاحين وقال : يا سيدي عندك قوطين حتى أحلج وأشبح الضمة في قطن على القاف إلى أن نشأت واواً فقال له الخابوري : لا والله ما عندي إلا قوط واحد وأنا الذي أحلجه .
وحكي عنه أنه كان أيام قراسنقر بحلب مستوفي على الأوقاف يهودي فضايق الفقهاء وأهل الأوقاف وشدد عليهم فشكوه إلى قراسنقر وعزله ثم إن اليهودي سعى وبرطل ثم تولى وعاملهم أشد من المرة الأولى فشكوه فعزله ثم تولى فشكوه فعزله ثم سعى وتولى فضاق الفقهاء وقالوا : ما لنا في الخلاص منه غير الخطيب شمس الدين فجاءوا إليه فقال : ما أصنع بهذا الكلب ابن الكلب ؟ فقالوا : ما له غيرك فقال : يدبر الله . وأمر غلامه أن يأخذ سجادته ودواة وأقلاماً وورقاً ومصحفاً على كرسي وقال له : توجه بهذا إلى كنيسة اليهود وافرش لي السجادة وكان ذلك بعد عصر الجمعة فحضر الشيخ وجلس على السجادة وفتح المصحف من أوله وأخذ يقرأ فجاء اليهود ورأوه وما أمكنهم يقولون له شيئاً لأنه خطيب البلد وهو ذو وجاهة فضاق عليهم الوقت وأرادوا الدخول في السبت وانحصروا فقالوا له : يا سيدي قد قرب أذان المغرب ونريد نغلق الكنيسة فقال : أبيت فيها لأني نذرت أن أنسخ هذا المصحف هنا فضاقوا وضجوا وقالوا : يا سيدي والله ما نطيق هذا وغداً السبت فقال : كذا اتفق ولا بد من المقام هنا إلى أن يفرغ المصحف فدخلوا عليه وقبلوا أقدامه وأقسموا عليه فقال : ولا بد ؟ قالوا : نعم . قال : التزموا لي بأن تحرموا هذا المستوفي حتى لا يعود يباشر الأوقاف فألزموا الديان أن حرم اليهودي واستراح المسلمون منه .
جمال الدين التميمي الصقلي .
أحمد بن عبد الله بن سعيد بن محمد بن عبد الله أبو العباس جمال الدين التميمي الصقلي ثم الدمشقي قرأ بالروايات على الشيخ علم الدين السخاوي وسمع الكثير وحدث وكانت كتبه نفيسة وأصوله حسنة وكان في شبابه تزوج ابنة الشيخ علم الدين وأولدها وتوفيه هي والولد ولم يتزوج بعدها . وكان شديد الشح على نفسه كثير التقتير مع الجدة الوافرة ووقف داره على الفقهاء المالكية بدمشق . وكان الشيخ تقي الدين ابن الصلاح يعجبه بحثه ويعظمه وقرأ عليه كتاب " علوم الحديث " من أوله إلى آخره ومدحه بأبيات وهي : .
لقد صنف الناس علم الحديث ... وصانوه عن صورة الباطل .
وذبوا من الزور قول النبي ... إمام الهداة الرضى العادل .
ولم يلحقوا شأو هذا الكتاب ... ولا سيب أفضاله النائل .
فيمم دقيق المعاني به ... تجد ما يشق على الداخل .
وجاد به للورى عالمٌ ... صريح التقى ليس بالباخل .
يفيد العلوم لطلابها ... ويصفح عن زلة الجاهل .
فلا مثل لابن الإمام الصلاح ... لكشف الغوامض للسائل .
فسقياً له ثم رعياً على ... فوائد كالعارض الهاطل .
ودام له السعد في نمعةٍ ... دوام الفضائل للفاضل .
قلت : شعر نازل وتوفي سنة ثلاث وتسعين وخمس مائة .
؟ ؟ الأعيمى التطيلي .
أحمد بن عبد الله بن هريرة أبو العباس القيسي التطيلي الإشبيلي المنشأ الضرير المعروف بالأعيمى توفي سنة خمس وعشرين وخمس مائة من شعره : ؟ بحياة عصياني عليك عواذلي إن كانت القربات عندك تنفع