أحمد بن عبيد الله بن أحمد بن الخصيب أبو العباس الكاتب الخصيبي كان جده أحمد بن الخصيب وزيراً للمستنصر وتقدم ذكره وأحمد هذا ولي الوزارة للمقتدر يوم الخميس لإحدى عشرة ليلة خلت من شهر رمضان سنة ثلاث عشرة وثلاث مائة والدواوين وخلع عليه ثم عزل يوم الخميس لإحدى عشرة ليلة خلت من ذي القعدة سنة أربع عشرة وثلاث مائة فكانت وزارته سنة واحدة وشهرين ثم ولي الوزارة للقاهر بن المتضد في نصف ذي القعدة سنة إحدى وعشرين ولم يزل على الوزارة إلى أن خلع القاهر في سادس جمادى الأولى سنة اثنتين وعشرين وثلاث مائة فكانت وزارته خمسة أشهر وعشرين يوماً . وكان أولاً يكتب للسيدة أم المقتدر ولثمل القهرمانة وكان أنعم الناس عيشاً وأنفذهم أمراً يحكم على الوزراء ويضطرون إلى مداراته وأحبت له ثمل القهرمانة الوزارة فلما وليها لم يمض عليه أسبوع حتى شغب عليه الجند وطالبوه الأرزاق ورموا طيّاره بالنشاب وصارت المشغبة إلى باب داره فقال : لعن الله من أشار عليّ بالدخول في هذا . قال الصولي : وكان صالح الأدب حسن العقل ساكن الطبع مليح الخط حسن البلاغة يذاكر بالأخبار والأشعار وكان أميناً غير خائن في مال السلطان قال لي أبو علي الحسن بن هارون وكان يكتب لابن أبي الصباح : حملت إلى الخصيبي مائة ألف دينار هدية من ابن أبي الصباح وحرصت به كل الحرص في قبولها فما وضع يده على درهم وقال : كل ما أراد مني بعد قبولي لها فأنا أبلغه له بلوغ من أخذ منه هذه وأضعافها فليستعن بها في مؤونته فإنه يحتاج إليها وإلى غيرها . قال الصولي : وكان يحكي عن أبي العيناء ويحفظ عنه أخباراً كثيرة وكان ابن أبي الفرج ينشدني أشعاراً ويقول أجدها بخطه وفيها آثار تدل على أنه عملها فمنها قوله : .
من مبلغٌ عني التي ... نفس المحبّ فداؤها .
أني اعتللت فلم تعد ... ني والشفاء لقاؤها .
يا داء علتي التي ... طالت وعزّ دواؤها .
مسي مواضع علتي ... بيديك فهو شفاؤها .
وقال الصولي : حدثني أبو الفرج ابن حفص : كنت مع الخصيبي في مجلس قبل الوزارة فحضرت معنا صبية مليحة الغناء فغضب عليها فلم يكلمها فلما عمل فيه النبيذ جذب الدواة وكتب : .
أيها العاشق الذي هجر المعشو ... ق دع عنك ما يضرّ بجسمك .
لا تعرّض لهجر من هو شافي ... ك فإن شاء كان مفتاح سقمك .
وأضاق آخراً حتى لم يكن يقام له وظيفة من قليل اللحم ولا كثيره إلا في أيام وهو مع ذلك حسن التصون يجوجه إليه بالمال الذي له خطر فلا يقبله ويشكر الموجه به ويرده وتوفي بعلة السكتة فجأة سنة ثمان وعشرين وثلاث مائة .
أبو الحسين الهاشمي .
أحمد بن عبيد الله بن إسحاق بن المتوكل على الله أبو الحسن الهاشمي لقي الجنيد ورويماً وسمع محمد بن جرير الطبري ومحمد بن داود الأصبهاني وسافر إلى شيراز وأقام بها إلى حين وفاته وعاش حتى جاوز المائة روى عنه ابنه أبو القاسم عبد الصمد وأبو أحمد اللبان ومحمد بن عبد العزيز القصار الشيرازي . قال محب الدين ابن النجار : قرأت على أبي عبد الله محمد بن أبي سعيد الأديب بأصبهان عن أبي طاهر بن أبي نصر التاجر قال أخبرنا عبد الرحمن ابن أبي عبد الله بن منده إذناً أخبرنا محمد بن عبد العزيز بن عبد الله اللبان الشيرازي قال : سمعت أبا الحسين أحمد بن عبيد الله الهاشمي يقول : سمعت أبا القاسم الجنيد بن محمد الصوفي يقول ببغداذ : ما زلت أطلب إلى الله في صلاتي خمس عشرة سنة أن يريني إبليس فلما كان يوم بنصف النهار في صيف وأنا قاعد بين البابين أسبخ إذ دق عليّ الباب فقلت : من ذا ؟ قال : أنا قلت الثاني : من أنت ؟ قال : أنا قلت الثالث : من أنت ؟ قال أنا قلت : لا تكون إلا إبليس قال : نعم فمضيت ففتحت له الباب فدخل عليّ شيخ عليه برنس من الشعر وعليه قميص من الصوف وبيده عكاز فجئت أقعد مكاني بين البابين فقال لي : قم من مجلسي فإن بين البابين مجلسي وخرجت فقعد فقلت : بم تستضل الناس ؟ فأخرج لي رغيفاً من كمه وقال : بهذا . فقلت : بم تحسن لهم أفعالهم السيئة ؟ فأخرج مرآة فقال : أريهم سيئاتهم حسناتٍ بهذه المرآة . ثم قال لي : قل ما تريد وأوجز في كلامك فقلت : حيث أمرك بالسجود لآدم لم لا تسجد ؟ فقال : غيرة مني عليه أسجد لغيره . وغاض مني ولم أره