الزيت لا يزري بأحسابنا ... أحسابنا معروفة البيت .
قيرتم الملك فلم ينقه ... حتى غسلنا القار بالزيت .
وأصابه فالج بعد موت الوزير ابن الزيات بمائة يوم وأيام وقيل بخمسين وقيل بسبعة وأربعين يوماً وولي موضعه ولده أبو الوليد محمد . ولما مات القاضي أحمد بن أبي دؤاد حضر ببابه جماعة وقالوا : يدفن من كان على ساقة الكرم وتاريخ الأدب ولا يتكلم فيه ؟ إن هذا وهن وتقصير فلما طلع سريره قام إليه ثلاثة منهم فقال أحدهم : .
اليوم مات نظام الملك واللسن ... ومات من كان يستعدى على الزمن .
وأظلمت سبل الآداب إذ حجبت ... شمس المكارم في غيمٍ من الكفن .
وتقدم الثاني فقال : .
ترك المنابر والسرير تواضعاً ... وله منابر لو يشا وسرير .
ولغيره يجبى الخراج وإنما ... تجبى إليه محامدٌ وأجور .
وتقدم الثالث فقال : .
وليس فتيق المسك ريح حنوطه ... ولكنه ذاك الثناء المخلف .
وليس صرير النعش ما تسمعونه ... ولكنه أصلاب قومٍ تقصف .
وقال أبو العيناء : ما رأيت في الدنيا أقوم على أدب من ابن أبي دؤاد ما خرجت من عنده يوماً قط فقال : يا غلام خذ بيد هذا بل قال : يا غلام اخرج معه فكنت أنتقد هذه الكلمة عليه فلا يخل بها ولا أسمعها من غيره .
وابن أبي دؤاد أول من فتح الكلام مع الخلفاء وكان الناس لا يبدأونهم بالكلام إلا جواباً . ومدحه جماعة من الشعراء فمن ذلك أبو تمام الطائي ومن قوله في قصيدته التي منها : .
لقد أنست مساوئ كل دهرٍ ... محاسن أحمد بن أبي دؤاد .
متى تحلل به تحلل جناباً ... رضيعاً للسواري والغوادي .
منها : .
وما سافرت في الآفاق إلا ... ومن جدواك راحلتي وزادي .
مقيم الظن عندك والأماني ... وإن قلقت ركابي في البلاد .
وقوله من قصيدة قال فيها : .
إلى أحمد المحمود رامت بنا السرى ... نواعب في عرض الفلا ونواسم .
إلى سالم الأخلاق من كل عائبٍ ... وليس له مالٌ على الجود سالم .
وله فيه غير ذلك . وللشعراء فيه مدائح عظيمة وإنما تصدى للإمام أحمد بن حنبل وقام في أمره وإلزامه بالقول بخلق القرآن على ما تقدم في ترجمة الإمام أحمد . قال خالد بن خداش : رأيت في المنام كأن آتياً أتاني بطبق فقال اقرأه فقرأت بسم الله الرحمن الرحيم ابن أبي دؤاد يريد أن يمتحن الناس فمن قال القرآن كلام الله لبس خاتم ذهب فصه ياقوت حمراء وأدخله الله الجنة وغفر له ومن قال القرآن مخلوق جعلت عينه عين قرد وعاش بعد ذلك يوماً أو يومين ثم يصير إلى النار . ورأيت قائلاً يقول : مسخ ابن أبي دؤاد ومسخ شعيبو أصاب ابن سماعة فالج وأصاب آخر الذبحة ولم يسم . قال الشيخ شمس الدين : هذا منام صحيح الإسناد وتوفي ابن أبي دؤاد سنة أربعين ومائتين .
والد شهدة الكاتبة .
أحمد بن الفرج بن عمر الدينوري أبو نصر الابري والد الكاتبة شهدة سمع الكثير من القاضي محمد بن علي بن المهتدي وعبد الصمد بن علي بن المأمون ومحمد بن أحمد بن المسلمة ومحمد بن الحسين بن الفراء وأحمد بن محمد بن النقور والخطيب أبي بكر وسمع بالكوفة من محمد بن أحمد الخازن وحدث باليسير روى عنه أبو طاهر السلفي وتوفي سنة ست وخمس مائة .
ابن فرح الإشبيلي الشافعي .
أحمد بن فرح بالحاء المهملة بن أحمد بن محمد الإمام الحافظ الزاهد بقية السلف شهاب الدين أبو العباس اللخمي الإشبيلي الشافعي ولد سنة خمس وعشرين وست مائة بإشبيلية وأسره الفرنج سنة ست وأربعين وخلص وقدم مصر سنة بضع وخمسين وتفقه على الشيخ عز الدين بن عبد السلام قليلاً وسمع من شيخ الشيوخ شرف الدين الأنصاري الحموي والمعين أ ؛ مد بن زين الدين وإسماعيل بن عزوز والنجيب بن الصقيل وابن علاق وبدمشق من ابن عبد الدايم وخلق وعني بالحديث وأتقن ألفاظه ومعانيه وفقهه وصار من كبار الأئمة إلى ما فيه من الورع والصدق والديانة وكان فقيهاً بالشامية وله حلقة أشغال بكرةً بالجامع وعرضت عليه مشيخة دار الحديث النورية فامتنع وكان بزي الصوفية سمع عليه الشيخ شمس الدين واستفاد منه وله قصيدة غزلية في صفات الحديث سمعها منه وأولها :