قال أبو محمد : فأخبرني من رآه بين القتلى ودنا منه فسمعه يقول بصوت ضعيف : لا يلكم أحد في سبيل الله : والله أعلم بمن يكلم في سبيله . إلا جاء يوم القيامة : وجرحه يثعب دما اللون : لون الدم والريح : ريح المسك . كأنه يعيد على نفسه الحديث الوارد في ذلك .
قال : ثم قضى نحبه على أثر ذلك C وهذا الحديث في الصحيح أخرجه مسلم في صحيحه عن عمرو بن محمد الناقد وأبي خيثمة زهير بن حرب عن سفيان عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة : مسندا عن النبي A .
وقرأت بخط شيخنا أبي الحسن بن مغيث وأخبرني به غير مرة مشافهة قال : وجدت بخط أبي محمد بن حزم أنه قتل في الدخلة وبقي في مصرعه حتى تغير وكفنه ابنه في نطع .
قال الحميدي : أنشدني أبو محمد بن أبي عمر اليزيدي الحافظ قال أنشدني أبو بكر محمد بن إسحاق المهلبي لأبي الوليد عبد الله بن محمد بن الفرضي قالها في طريقه إلى المشرق وكتب بها إلى أهلهن وكان قد رحل في طلب العلم وتغرب وألف في المؤتلف والمختلف وغيره .
وتوفي في حدود الأربع مائة مقتولا مظلوما في الفتن : .
مضت لي شهور منذ غبتم ثلاثة ... وما خلتني أبقى إذا غبتم شهرا .
ومالي حياة بعدكم أستلذها ... ولو كان هذا لم أكن في الهوى حرا .
ولم يسلني طول التنائي هواكم ... بلى زادني شوقا وجدد لي ذكرى .
يمثلكم لي طول شوقي إليكم ... ويدنيكم حتى أناجيكم سرا .
سأستعتب الدهر المفرق بيننا ... وهل نافعي أن صرت أستعتب الدهرا .
أعلل نفسي بالمنى في لقائكم ... وأستسهل البر الذي جبت والبحرا .
ويؤنسني طي المراحل دونكم ... أروح على أرض وأغدو على أخرى .
وتالله ما فارقتكم عن قلي لكم ... ولكنها الأقدار تجري كما تجري .
رعتكم من الرحمن عين بصيرة ... ولا كشفت أيدي الردى عنكم سترا .
قال الحميدي : وأنشدني له أبو محمد علي بن أحمد الفقيه : .
إن الذي أصبحت طوع يمينه ... إن لم يكن قمرا فليس بدونه .
ذلي له في الحب من سلطانه ... وسقام جسمي من سقام جفونه .
قال أبو الوليد : أنا أبو الحسن جهضم بمكة قال : نا أبو بكر أحمد بن علي قال : نا أحمد بن مروان قال : نا صالح بن أحمد بن حنبل قال : سمعت أبي يقول : ما الناس إلا من قال حدثنا وأخبرنا وسائر الناس لا خير فيهم ولقد التفت المعتصم إلى أبي فقال له : كلم ابن دؤاد فأعرض عنه أبي بوجهه وقال : كيف أكلم من لم أره على باب عالم قط .
أخبرناه أبو محمد بن عتاب سماعا عن أبي عمر النمري إجازة منه له قال أنا أبو الوليد فذكر الحكاية إلى آخرها .
آخر الجزء الرابع : والحمد لله حق حمده وصلى الله عل محمد نبيه وعبده .
الجزء الخامس .
بسم الله الرحمن الرحيم .
وصلى الله على محمد وعلى آله وسلم تسليما .
عبد الله بن عبد الرحمن بن عثمان بن سعيد بن عبد الله بن غلبون الخولاني : من أهل قرطبة يكنى : أبا محمد .
روى عن أبي القاسم مسلمة بن القاسم وأبي عمر أحمد بن هلال العطار وأبي جعفر أحمد بن عون الله وأبي بكر الدينوري المطوعي وغيرهم .
ورحل إلى المشرق سنة إحدى وسبعين وثلاث مائة وسمع بمصر : من عتيق بن موسى موطأ ابن بكير ومن أب محمد إسماعيل الضراب ومن أبي بكر بن إسماعيل ومن ابن سدرة وغيرهم .
وسمع بالقيروان : من أبي محمد بن أبي زيد وأبي جعفر دحمون ومن جماعة سواهم يكثر تعدادهم . وكتب بخطه أزيد من ألفي ورقة وكان حسن الخط نفعه الله بذلك .
وانصرف إلى الأندلس في ذي الحجة سنة اثنتين وسبعين وثلاث مائة وشهد عيد الأضحى بقرطبة وكان تردد هناك نحو العامين . وكان مولده سنة ثلاثين وثلاث مائة .
وتوفي في صدر شوال سنة ثلاث وأربع مائة . حدث عنه ابنه أبو عبد الله محمد ابن عبد الله وذكر من خبره ما ذكرته .
عبد الله بن سعيد بن خيرون بن محارب يعرف : بابن المحتشم من أهل قرطبة يكنى : أبا محمد