فلا جرم أنهم حجبوا بظواهر الصور واغتروا بظهور الأثر وعموا عما بطن بما ظهر كما عمي من قصر نظره على الألوان والأشكال دون النور الموضح لها النظر كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون ثم إنهم لصالو الجحيم ثم يقال هذا الذي كنتم به تكذبون .
وإنما كان سبب حجبهم في الآخرة قصور نظرهم في الدنيا ومن كان في هذه أعمى فهو في الآخرة أعمى وأضل سبيلا .
أشقياء وسعداء .
وإنما كان أضل سبيلا لأن في الدنيا يرجى له الإبصار لإمكان ذلك فيه وفي الآخرة قد حصل على قسمه ووقف على حقيقة اسمه فمنهم شقي وسعيد فحقيقة اسمه الشقاوة لا السعادة إذ قد سدت عليه طرق الاستفادة ولم يبق له في أحواله نقصان ولا زيادة فهو بهذا الوجه أضل سبيلا وهو مستحق بما اتصف به أن يكون في أضيق مكان وأقبح مقيلا .
فنار الحسرة والخزي تتلظى في باطنه بما حرمه من روح المعرفة ولما فاته من سعة العلم ولذة المشاهدة بركونه إلى عالم الصور المجسمة المظلمة وعندها يستريح عند التهاب نيران