% ألا كل شيء ما خلا الله باطل % $ ( .
ومع هذا فيعلم كل عاقل ان رواة الشعر ومنشديه لم يسلبوا الشعراء نفس صفاتهم حتى حلت بهم بل ولا نفس ما قام بأولئك من صفاتهم وأفعالهم كأصواتهم وحركاتهم حلت بالرواة والمنشدين فكيف يتوهم متوهم أن صفات البارى كلامه أو غير كلامه فارق ذاته وحل فى مخلوقاته وان ما قام بالمخلوق من صفاته وأفعاله كحركاته وأصواته هي صفات البارى حلت فيه وهم لا يقولون مثل ذلك فى المخلوق بل يمثلون العلم بنور السراج يقتبس منه المتعلم ولا ينقص ما عند العالم كما يقتبس المقتبس ضوء السراج فيحدث الله له ضوأ كما يقال أن الهوى ينقلب نارا بمجاورة الفتيلة للمصباح من غير أن تتغير تلك النار التى فى المصباح والمقرىء والمعلم يقرىء القرآن ويعلم العلم ولم ينقص مما عنده شىء بل يصير عند المتعلم مثل ما عنده .
ولهذا يقال فلان ينقل علم فلان وينقل كلامه ويقال العلم الذى كان عند فلان صار إلى فلان وأمثال ذلك كما يقال نقلت ما في الكتاب ونسخت ما فى الكتاب أو نقلت الكتاب أو نسخته وهم لا يريدون أن نفس الحروف التى فى الكتاب الاول عدمت منه وحلت فى الثانى بل لما كان المقصود من نسخ الكتاب من الكتب ونقلها من جنس نقل العلم والكلام وذلك يحصل بان يجعل فى الثانى