له بقوّة فيدعو زواله إلى المصير إلى ضدّ الحكم الذي كان وجب به . وليس هذا كمياثق من قِبل أن القلب في ميثاق واجب والقلب في قنية وصبية ليس بواجب . فكأنّ باب ميثاق أثَّر في النفس أَثرا قوَّي الحكم فقرّره هناك فلمّا زال بقي حكمه دالاّ على قوّة الحكم الذي كان به وباب صِبية وعِلية أُقِرّ حكمه مع زوال الكسرة عنه اعتذارا في ذلك بأن الأوّل لم يكن عن وجوب فيزالَ عنه لزوالِ ما دعا إليه وإنما كان استحسانا فليكن مع زوال الكسر أيضا استحسانا .
أفلا ترى إلى اختلاف حال الأصلين في الضعف والقوّة كيف صرت له بهما إلى فرع واحد وهو القلب . فإنه جيّد في معناه ونافع في سواه مما هو شَرْواه .
( ومن بعد ) فقد قالوا أيضا : صُبْوان وصُبْوة وقُنْوة وعلى أن البغداديّين قالوا : قنوت وقنيت وإنما كلامنا على ما أثبته أصحابنا وهو قنوت لا غير .
ومن بقاء الحكم مع زوال عِلّته قول الراجز : .
( لمّا رأى أن لادَعَهْ ولا شِبَعْ ... مال إلى أرطاة حِقْفٍ فالْطَجع ) .
وهو افتعل من الضجعة . وأصله : ( فاضتجع فأبدلت التاء طاء لوقوع الضاد قبلها فصارت ) : فاضطجع ثم أبدل الضاد لاما . وكان سبيله ( إذ أزال ) جَرْس الضاد أن تصح التاء فيقال : فالتجع كما يقال : التحم والتجأ لكنه أُقِرّت الطاء