وأمّا جواز اعتقاد سقوط حكم ما تعلّق به الظرف من هذا البيت فلأنه قد عطف قوله فطيّره على قوله علىّ وإذا جاز عطف الفعل على الظرف قوى حكم الظرف في قيامهِ مقامَ الفعل المتعلِّق هو بهِ وإسقاطه حكمه وتولِّيه من العمل ما كان الفعل يتولاّه وتناوُله بِه ما كان هو متناوِلا له .
فهذان وجهان من الاستدلال بالشئ الواحد على الحُكْمين الضدّين وإن كان وجه الدلالة بهِ على قوّة حكم الظرف وضعف حكم الفعل في هذا وما يجرى مجراه هو الصواب عندنا وعليه اعتمادنا وعَقْدنا وليس هذا موضع الانتصار لما نعتقده فيهِ وإنما الغرض منه أن نُرِى وجه ابتداء تفرّع القول وكيف يأخذ بصاحبهِ ومن أين يقتاد الناظرَ فيهِ إلى أنحائهِ ومصارفه .
ونظير هذا البيت في حديث الظرف والفعل من طريق العطف قول الله عزّ اسمه ( يوم تُبْلَى السرائِرُ فما له مِن قُوَّةٍ ولا ناصِرٍ ) أفلا تراه كيف عطف الظرف الذي هو له من قوّة على قوله تبلى وهو فِعل فالآية نظيرة البيت في العطف وإن اختلفا في تقدّم الظرف تارة وتأخّره أخرى .
وهذا أمر فيهِ أنتشار وامتداد وإنما أفرض منه وممّا يجرى مجراه ما يستدلّ بهِ ويجعل عِيارا على غيره والأمر أوسع شُقّة وأظهر كُلْفة ومشقّة ولكن إن طبِنت له ورفَقت بهِ أولاك جانِبه وأمطاك كاهِله وغارِبه وإن خبطته وتورّطته كدّك مَهَلهُ وأوعرت بك سبلُه فرِفقا وتأمّلا