أي يأسا من نوالكم مبينا . فلا يجوز أن يكون قوله ( من نوالكم ) متعلِّقا بيأس وقد وصفه بمبين وإن كان المعنى يقتضيه لأن الإعراب مانع منه . لكن تضمِر له حتى كأنك قلت : يئست من نوالكم .
ومِن تجاذب الإعراب والمعنى ما جرى من المصادر وصفا نحو قولك : هذا رجل دَنَف وقوم رِضا ورجل عَدْل . فإن وصفته بالصفة الصريحة قلت : رجل دنِف وقوم مرضيّون ورجل عادل . هذا هو الأصل . وإنما انصرفت العرب عنه في بعض الأحوال إلى أن وصفَتْ بالمصدر لأمرين : أحدهما صناعيّ والآخر معنويّ . أما الصناعيّ فليزيدك أُنسا بَشبَه المصدر للصفة التي أوقعْتَه موقعها كما أُوقعت الصفة موقع المصدر في نحو قولك : أقائما والناس قعود ( أي تقوم قياما والناس قعود ) ونحو ذلك .
وأما المعنويّ فلأنه إذا وُصف بالمصدر صار الموصوف كأنه في الحقيقة مخلوق من ذلك الفعل . وذلك لكثرة تعاطيه له واعتياده إياه . ويدلّ على أن هذا معنى لهم ومتصوَّر في نفوسهم قوله - ( فيما أنشدناه ) - : .
( ألا أصبحت أسماء جاذمة الحبل ... وضَنَّت علينا والضنينُ من البخل ) .
أي كأنه مخلوق من البخل لكثرة ما يأتي به منه . ومنه قول الآخر : .
( وهُنَّ من الإخلاف والوَلَعان ... )