الحروف الناصبة للفعل وإنما النصب بعدها بأن مضمرة . وإنما جاز أن يتسمَّح بذلك مِن حيث كان الفعل بعدها منصوبا بحرف لا يذكر معها فصارت في اللفظ كالخَلَف له والعِوض منه وإنما هي في الحقيقة جارّة لا ناصبة .
ومِنه قوله أيضا في قول الشاعر : .
( أنا اقتسمنا خَّطتينا بيننا ... فحملتُ بَرّة واحتملتَ فجارِ ) .
إن فَجَار معدولة عن الفَجْرة . وإنما غرضه أنها معدولة عن فجرة ( معرفة علما ) على ذا يدلّ هذا الموضع من الكتاب . ويقوّيه ورود بَرّة معه في البيت وهي - كما ترى - عَلَم . لكنه فسَّره على المعنى دون اللفظ . وسوّغه ذلك أنه لمَّا أراد تعريف الكلمة المعدول عنها مثَّل ذلك ( بِما تعرَّف ) باللام لأنه لفظ معتاد وترك لفظ فَجْرة لأنه لا يعتاد ذلك عَلَما وإنما يعتاد نكِرة ( وجنسا ) نحو فجرت فجرة كقولك : تجرت تجرة ولو عُدِلت برّة هذه على هذا الحدّ لوجب أن يقال فيها : بَرَار كفجار .
ومنه قولهم : أهْلَك والليل فإذا فسَّروه قالوا : أراد الحْقْ أهلك قبل الليل . وهذا - لعمري - تفسير المعنى لا تقدير الإعراب فإنه على : الحق أهلك وسابق الليل