باب في الجمع بين الأضعف والأقوى في عَقْد واحد .
وذلك جائز عنهم وظاهُر وجهِ الحكمة في لغتهم قال الفرزدق : .
( كلاهما حين جَدّ الجَرْيُ بينهما ... قد أقلعا وكلا أنفيهما رابي ) .
( فقوله : كلاهما قد أقلعا ضعيف لأنه حَمْل على المعنى وقوله : وكلا أنفيهما رابي ) قويّ لأنه حَمْل على اللفظ . وأنشد أبو عمرو الشيبانيّ : .
( كلا جانبيه يَعْسِلان كلاهما ... كما اهتزّ خُوطُ النَبْعَة المتتابع ) .
فإخباره ب ( يعسلان ) عن ( كلا جانبيه ) ضعيف على ما ذكرنا . وأمّا ( كلاهما ) فإن جعلته توكيدا ل ( كلا ) ففيه ضعف لأنه حَمْل على المعنى دون اللفظ . ولو كان على اللفظ لوجب أن يقول : كلا جانبيه يعسل كلّه أو قال : يعسلان كلّه فحمل ( يعسلان ) على المعنى و ( كلّه ) على اللفظ وإن كان في هذا ضعف لمراجعة اللفظ بعد الحمل على المعنى . وإن جعلت ( كلاهما ) توكيدا للضمير في ( يعسلان ) فإنه قويّ لأنهما في اللفظ اثنان كما أنهما في المعنى كذلك .
وقال الله - سبحانه - : ( بَلَى مَن أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِله وهُوَ مُحْسِن فله أَجْرُهُ عند رَبِّه ولا خُوْفُ عليهم ولا هُمْ يَحْزَنون ) فحمل أوّل الكلام على اللفظ وآخره على المعنى والحملُ على اللفظ أقوى