وهذا يدلّك على أنهم قد يستعملون من الكلام ما غيره ( آثر في نفوسهم منه ) سعه في التفسّح وإرخاء للتنفّس وشُحّا على ما جَشِموه فتواضعوه أن يتكارهوه فيُلْغوه ويَّطرحوه . فاعرف ذلك مذهبا لهم ولا ( تطعن عليهم ) متى ورد عنهم شيء منه . باب في جمع الأشباه من حيث يَغْمُض الاشتباه .
هذا غَور من اللغة بَطين يَحتاج مجتابه إلى فَقاهة في النفس ونصاعة من الفكر ومساءلة خاصّيّة ليست بمبتذَلة ولا ذات هُجْنة .
ألقيت يوما على بعض من كان يعتادني فقلت : من أين تجمع بين قوله : .
( لَدْن بِهَزّ الكفّ يعسِل مَتْنُه ... فيه كما عَسَل الطريقَ الثعلبُ ) .
وبين قولنا : اختصم زيد عمرو فأجبل ورجع مستفهما . فقلت : اجتماعهما من حيث وَضْع كل واحد منهما في غير الموضع الذي بدئ له . وذلك أن الطريق خاصّ وضع موضع العامّ . ( وذلك ) أن وضع هذا أن يقال : كما عسل أمامَه الثعلب وذلك الأمام قد كان يصلح لأِشياء من الأماكن كثيرة : من طريق وعَسف