باب في دوَْرِ الاعتلالِ .
هذا موضع طريف ذهب محّمد بن يزيد في وجوبِ إسكان اللام في نحو ضَرَبْن وَضَربْت إلى أنه لحركِة ما بعده من الضميرِ يعني مع الحركتينِ قبل وذهب ايضا في حركةِ الضمير من نحو هذا انها إنما وجبت لسكونِ ما قبله فتارة اعتلّ لهذا بهذا ثمّ دار تارةً أخرى فاعتلّ لهذا بهذا وفي ظاهر ذلك اعتراف بأن كلّ واحد منهما ليست له حالٌ مستَحَّقةٌ تخصُّه في نفسهِ وإنما استقرّ على ما استقرّ عليه لامر راجع إلى صاحبه .
ومثله ما أجازه سيبويه في جرّ الوجه من قولك هذا الحَسُن الوجهِ وذلك أنه أجاز فيه الجرَّ من وجهين احدهما طريق الإضافة الظاهرة والآخر تشبيهه بالضاربِ الرجل وقد أحَطْنا عِلماً بأن الجرّ انما جاز في الضاربِ الرجل ونحوه ممّا كان الثاني منهما منصوباً لتشبيههم إيّاه بالحسن الوجهِ افلا ترى كيف صار كلّ واحدٍ من الموضعين عِلَّة لصاحبه في الحكم الواحدِ الجاري عليهما جميعا وهذا من طريِف امر هذه اللغة وشدّةِ تداخلها وتزاحم الالفاظ والأغراِض على جهاتها والعُذْر أن الجر لمّا فَشَا واتَسع في نحو الضارب الرجلِ والشاتمِ الغلامِ والقاتلِ البطلِ صار لتمكّنه فيه وشِياعه في استعماله كأنه أصل في بابه وإن كان إنما سرى إليه لتشبيهه بالحسن الوجه فلمّا كان كذلك قِوى في بابه حتى صار لقوَّتِهِ